دراسة تُسقط «نهر سرت» من خرائط الماضي: الهجرة عبر الواحات لا الساحل

دراسة: لا أثر لنهرٍ رئيسي يصبّ في خليج سرت… وفرضيات «الصحراء الخضراء» والهجرة تعاد قراءتها

نتائج ميدانية تُشكّك في السردية التقليدية
أكد تقرير علمي — نشره موقع «نيتشرال ساينز نيوز» البريطاني — عدم عثور الجيولوجيين على أي دلائل لنظام نهري رئيسي يصل إلى خليج سرت في ليبيا خلال «الفترة الرطبة» الأخيرة، بما يضع علامات استفهام على فرضيات متداولة حول دور تدفق المياه العذبة في إبطاء دوران المياه العميقة بالبحر الأبيض المتوسط وتكوّن طبقات «السابروبيل».

تركيز البحث على سرت… بلا دلائل لنهـر كبير
الدراسة ركزت على السهل الساحلي لخليج سرت، مستهدفة أنظمة أنهار قديمة يُعتقد أنها نشطت زمن «الفترة الرطبة الخامسة» المرتبطة بحركات هجرة بشرية بين نحو 71 و130 ألف عام. تحليل الرواسب والبيانات الجيولوجية أظهر غياب أي مخرات لنهـر كبير إلى الخليج، ما يعني محدودية تدفق المياه العذبة المباشر إلى المنطقة الساحلية خلال تلك الأزمنة.

«السابروبيل» وإشارة المياه العذبة… فرضية قيد المراجعة
تكوين طبقات «السابروبيل» في قاع المتوسط يتطلب عادة كميات كبيرة من المياه العذبة التي تُبطئ دوران المياه العميقة. لسنوات افترض باحثون أن أنهارًا قديمة عابرة للصحراء الكبرى تصب في سرت وفّرت تلك الكميات. الدراسة الجديدة بحثت عن أثرٍ مادي لهذه الأنهار المفترضة ولم تجده، ما يفتح الباب أمام مسارات تغذية أخرى.

مسار بديل عبر شط الجريد… ومياه جوفية تقود الهجرة
الأدلة أشارت إلى تراكم مياه في منخفض شط الجريد بتونس، داعمةً مسارًا مائيًا محتملًا من نظام نهري يتجه شمالًا نحو الجريد. وبمراجعة سجلات آبار وخرائط سطحية وعيّنات ساحلية، تبيّن أن بيئة الساحل كانت «كربوناتية هادئة» بمدخلات فتاتية محدودة بين نحو 60 و74 ألف عام، ما يرجّح أن الهجرات البشرية اعتمدت على مسارات داخلية عبر تصريفات المياه الجوفية والواحات بدلًا من خط سرت الساحلي الذي ربما اتسم بملوحة غير مناسبة للسكن.

شبكة أكاديمية عابرة للحدود
قاد الدراسة باحثون من جامعات ليفربول وسالزبورغ ونورثمبريا، وبمشاركة أكاديمية من جامعتي بنغازي وأجدابيا والمكتب الوطني للمناجم ببلدان الجوار، مستخدمين مسوحًا ميدانية وتحليلات مخبرية ومقارنات زمنية مع فترات «الصحراء الخضراء» التي يقدّر أنها تكررت أكثر من 230 مرة خلال الثمانية ملايين عام الماضية تحت تأثير تغيرات مدار الأرض وأنماط الأمطار الموسمية الإفريقية.

إعادة تموضع لخطوط الهجرة القديمة
يتقاطع التسلسل الزمني لـ«الفترات الرطبة» مع أعمار مواقع أثرية وحفرية لأشباه البشر، ويقترح أن توافر المياه الجوفية غير المالحة والواحات كان عاملًا حاسمًا في رسم طرق الاستيطان والحركة. غياب نهر كبير يصب في خليج سرت لا ينفي وجود ممرات فعّالة أخرى؛ لكنه يعيد تقييم الوزن النسبي للمسارات الساحلية مقارنة بالداخلية في شمال إفريقيا.

ترجمة المرصد – خاص

 

Shares