درميش: قرارات المركزي العشوائية وتخفيضاته المتتالية قادت لتراجع الدينار خلال عقد

درميش لـ«سبوتنيك»: قرارات عشوائية وغير مدروسة وراء تراجع الدينار… وتوحيد السياسات هو الحل

ليبيا – قال الخبير الاقتصادي محمد درميش، في تصريحات خاصة لوكالة «سبوتنيك»، إن العوامل التي أدّت إلى تراجع قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية خلال السنوات العشر الماضية تعود إلى القرارات العشوائية وغير المدروسة التي اتُّخذت دون دراسة لتداعياتها الاقتصادية.

قرارات سعر الصرف والضرائب

أوضح درميش أنه، على سبيل المثال، فإن قرار فرض ضريبة الواردات ساهم في المحافظة على سعر السوق الموازي فوق مستوى 3.50 دينار، ثم خلال أيام ارتفع إلى ما فوق العشرة دنانير. كذلك، فإن برنامج الإصلاح الاقتصادي الأحادي الجانب، الذي فُرض من خلاله رسم على شراء العملة الصعبة، أدى إلى تحديد السعر عند 3.90 دينار مقابل الدولار، ومن ثم 3.70 دينار خلال سنوات 2018 إلى 2020.
وأضاف أن «القرار الكارثي» الصادر عن مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي في سنة 2020 بتوحيد سعر الصرف الرسمي عند 4.48 دينار للدولار الواحد، ثم في سنة 2024 فرض ضريبة أخرى وتخفيض رسمي جديد ليصبح السعر في المصرف المركزي 5.56 دينار مقابل الدولار، ومع الضريبة يصل إلى 6.25 دينار؛ كل تلك الإجراءات مجتمعة كانت من أبرز الأسباب التي أدت إلى تراجع قيمة الدينار الليبي.

تشوهات هيكلية وأثر معيشي مباشر

بيّن درميش أن التشوّهات الهيكلية في الاقتصاد الليبي ظهرت بوضوح نتيجة هذه السياسات، وتشمل انخفاض دخل الفرد، وتراجع فرص العمل، وأزمة الإسكان. وأشار إلى أن إجراءات تخفيض قيمة الدينار الليبي خلال السنوات العشر الماضية زادت من حدّة تلك التشوهات، إذ أدّى انخفاض الدخل إلى تراجع القدرة الشرائية، كما ارتفعت تكلفة السلع المستوردة والمصنّعة محليًا كنتيجة مباشرة للقرارات المتعلقة بتخفيض قيمة الدينار.
وأكد أن هذه الأوضاع انعكست سلبًا على قدرة المواطن الليبي على توفير احتياجاته الأساسية، بسبب ارتفاع معدلات الفقر وتراجع الدخول، وضعف برامج الإعانات ووسائل الحماية الاجتماعية، لافتًا إلى أن هذا الأثر بدا واضحًا مع بداية الموسم الدراسي من خلال ضعف الإقبال على شراء الملابس والقرطاسية.

حلول سياسية واقتصادية شاملة

شدّد درميش على أن معالجة الأزمة الاقتصادية في ليبيا تتطلب حلولًا سياسية واقتصادية شاملة، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن للحكومة أو المصرف المركزي أو السلطة التشريعية العمل بشكل منفرد». وأكد أن الحل يكمن في العمل الجماعي وتجاوز الانقسام السياسي، مع تبنّي سياسات اقتصادية صارمة وتشريعات جديدة تنظّم العمل الاقتصادي بما يتماشى مع تطوّر العالم، إضافة إلى فتح مجالات الاستثمار لجذب العملة الصعبة وتعزيز الدخل الوطني إلى جانب النفط. كما شدّد على ضرورة توفير وسائل الحماية الاجتماعية كما هو معمول به في الدول المتقدمة، مستشهدًا بتجربة فرنسا.

انتقاد للخطط الحالية وآلية التنفيذ

وختم درميش حديثه بالقول إن «كل الخطط التي أعلنها المصرف المركزي، حتى وإن أشرك فيها وزارتي الاقتصاد والمالية شكليًا، إلا أن كل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى، وجميع الإجراءات المتخذة حتى الآن ليست سوى حلول مؤقتة قصيرة المدى، فشلت قبل تنفيذها فعليًا».

Shares