الحكومة الليبية: تجاوزات أممية «تمس السيادة»… ودعوة لإعادة هيكلة البعثة

النص الكامل: الحكومة الليبية تندّد بأداء بعثة الأمم المتحدة وتتهمها بتجاوز الولاية والتدخل في الشأن الداخلي

ليبيا – وجّهت الحكومة الليبية رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس وأعضاء مجلس الأمن، عبّرت فيها عن «بالغ الاستنكار والقلق» إزاء ما وصفته بأداءٍ متكرر لمبعوثي الأمم المتحدة إلى ليبيا «اتسم بتجاوزاتٍ سافرة للسيادة الوطنية وتدخلات غير مبررة في الشؤون الداخلية»، معتبرةً أن هذا النهج «يمثل انحرافًا خطيرًا عن أهم المهام الموكلة للبعثة، ويقوّض الثقة في حيادها ومصداقيتها ويخلّ بالاحترام المتبادل».

انتقاد مباشر لإحاطة الممثلة الخاصة
أشارت الحكومة إلى التصريحات والإحاطات الأخيرة للسيدة هانا تيتيه أمام مجلس الأمن، ووصفتها بأنها «مغالطات خطيرة وتدخلات سافرة في الشؤون الداخلية للدولة الليبية ومؤسساتها السياسية»، وتجاوز «حدود الولاية الممنوحة للبعثة ودورها الداعم للعملية الانتخابية» على نحو «يخالف ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ عدم التدخل».

بنود التجاوزات كما سطّرتها الرسالة

  • المفوضية الوطنية العليا للانتخابات: اتهمت الحكومة البعثة «بالتدخل في شؤون المفوضية ومحاولة فرض آليات تشكيل مجلسها وفق رؤى خاصة لا تستند إلى أساس قانوني»، واعتبرت ذلك «خرقًا واضحًا للاتفاقات السياسية النافذة واستقلال المؤسسات الوطنية»، وإحالة «إلى تفسيرات خارجة عن الولاية»، في «مخالفة صريحة لقرار الجمعية العامة رقم (2131) لسنة 1965 بشأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول».

  • «المكونات الثقافية واللغوية»: قالت إن طرح البعثة لهذا الملف ضمن مشاوراتها «يتجاوز مهامها السياسية والفنية ويمسّ الوحدة الاجتماعية والثقافية للشعب الليبي»، مؤكدة أن «ليبيا دولة موحّدة ذات هوية وطنية جامعة لا تحتمل التجزئة أو التأويل»، وأن «محاولات العبث بالنسيج الوطني تعد خروجًا سافرًا على الأعراف الدبلوماسية ومساسًا بمبدأ وحدة الدول وسلامة أراضيها المنصوص عليه في المادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة»، محذّرة من «إصرار على إعادة تعريف المجتمع وفق تصنيفات فئوية أو ثقافية يهدد النسيج الاجتماعي ويعيد إنتاج النزاعات الانقسامية، في إخلال بمبدأ الحياد».

  • التشريعات الدستورية والانتخابية: اعتبرت الحكومة أن البعثة «وضعت نفسها وصيًا على التشريعات المنظمة للعملية الانتخابية، متجاوزة اختصاص السلطة التشريعية (مجلس النواب)، في انتهاك صريح للسيادة ومبدأ الفصل بين السلطات»، وذلك «بالمخالفة للمادة (41) من ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء».

  • أجهزة إنفاذ القانون والمصرف المركزي: انتقدت «الحديث عن ترتيبات وتبعيات داخل مؤسسات إنفاذ القانون والتدخل في شؤون المصرف المركزي»، ووصفتها بأنها «مسائل داخلية لا تندرج ضمن ولاية البعثة وتمسّ اختصاصات الأجهزة الرقابية والقضائية السيادية»، مؤكدة أن «تدخل البعثة في شؤون المصرف ومسائل مالية قررتها جهات وطنية» يخالف «الاستقلال المقرر للمؤسسات الاقتصادية والمالية السيادية» والمشار إليه في «قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار (2590) لسنة 2020».

  • منهج التشاور و«النهج البديل»: ذكرت أن البعثة «ادّعت إجراء مشاورات شاملة مع كافة الأطراف في حين لم تتواصل مع الحكومة الليبية»، واعتبرت «الإشارة إلى نهج بديل عند عدم توافق المؤسسات الليبية تجاوزًا غير مسبوق وتلويحًا مرفوضًا بالوصاية يهدد الإرادة الوطنية وينحرف عن المرجعيات الأممية والاتفاقات السياسية المعترف بها دوليًا».

  • السلطة القضائية والقوانين: اتهمت الرسالة البعثة بأنها «تمادت في تجاوزات ووصفت عمل السلطة القضائية بالتسييس وتجاهلت احترام القوانين والتشريعات الصادرة عن مجلس النواب»، واعتبرت ذلك «انحرافًا خطيرًا عن الحياد وتدخلًا سافرًا في شؤون القضاء المستقل»، مخالفًا «مبدأ استقلال القضاء المنصوص عليه في القوانين الوطنية».

مرجعيات واتفاقات: السيادة شرط للتعاون
أكدت الحكومة أن هذه المقاربات «تتعارض مع روح اتفاق الصخيرات والمرجعيات الأممية ذاتها» التي شددت على «وحدة ليبيا وسيادتها واستقلال مؤسساتها»، واستشهدت بقرار مجلس الأمن رقم (2259) لسنة 2015. كما أعربت عن «استياء شديد من الأداء السلبي لبعض مستشاري البعثة»، داعية الأمانة العامة إلى «مراجعة شاملة لتركيبة الجسم الاستشاري وضمان التزام العاملين بالحياد وفق المادة (100) من ميثاق الأمم المتحدة».

مبدأ المعاملة بالمثل وإعادة هيكلة البعثة
لفتت الحكومة إلى أن احترامها للمنظمات الدولية «قائم على مبدأ التبادل والالتزام الصارم بالولايات القانونية»، ورفضت «أي توسعة للتفسيرات أو توصيف مشوّه يشرعن التدخل في الشأن الوطني». وجددت أن «احترام سيادة ليبيا ووحدتها وهويتها الجامعة شرط أساسي لأي تعاون»، معلنة «دعمها الكامل لدعوة الأمين العام إلى إعادة هيكلة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، سواء في تركيبتها أو مواقع عملها، بما يضمن التوازن بين مناطق ليبيا ويرسّخ الحياد والمهنية ويعيد الثقة بالدور الأممي كعامل دعم لا مصدر خلاف».

دعوة لإعادة الانضباط الأممي وإجراءات محتملة
طالبت الحكومة «بإعادة البعثة إلى مسارها المهني الحيادي واحترام الإطار القانوني والمؤسسي المعترف به دوليًا»، وبما «يعزز الثقة ويدعم الانتخابات الوطنية والمسار الديمقراطي». وختمت بـ«التمسك بالحق الكامل في اتخاذ ما تراه مناسبًا من إجراءات دبلوماسية وقانونية، وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لحماية سيادة ليبيا ومؤسساتها الدستورية من أي تدخل خارجي لا سند له».

Shares