ديلي تلغراف: دعوات بريطانية لتعاون نووي مع ألمانيا وسط قلق من تراجع دور واشنطن في ضمان أمن أوروبا

ألمانيا – ذكرت صحيفة “ديلي تلغراف” أن القيادة العسكرية البريطانية دعت إلى إقامة تعاون نووي مع ألمانيا، وسط تنامي المخاوف من تراجع الدور الأمريكي التقليدي في ضمان أمن القارة الأوروبية.

وأوضحت الصحيفة أن كبار القادة العسكريين البريطانيين، حثّوا الحكومة البريطانية على بدء محادثات مع برلين بشأن إبرام اتفاقية دفاعية جديدة تشمل أبعادا نووية محتملة. معتبرين أن “الوقت قد حان” لتوسيع التعاون النووي داخل أوروبا.

وأشار التقرير إلى أن هذه الدعوات تأتي في وقت تتنامى فيه الهواجس الأوروبية من احتمال تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها الدفاعية تجاه أوروبا، وهو الدور الذي اضطلعت به واشنطن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في ظل تركيزها المتزايد على مواجهة الصين.

وذكرت الصحيفة أن المحادثات الرسمية بين لندن وبرلين لم تنطلق بعد، إلا أن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية أكدوا أن الملف النووي ليس مطروحا على طاولة النقاش في المرحلة الراهنة، موضحين أن التعاون الحالي يتركز على تعزيز القدرات الدفاعية المشتركة وتبادل الخبرات العسكرية.

ودعا جورج روبرتسون، الأمين العام الأسبق لحلف “الناتو” ووزير الدفاع في حكومة توني بلير، إلى فتح حوار جاد مع ألمانيا بشأن ترتيبات أمنية جديدة، قائلا: “لقد حان الوقت لتوسيع التعاون النووي داخل أوروبا، فاستمرار روسيا في استخدام الخطاب النووي سيجبر الأوروبيين على اتخاذ قرارات مصيرية بشأن أمنهم الجماعي”.

وأضافت الصحيفة أن ألمانيا تجري بالفعل مشاورات استراتيجية مع فرنسا حول إمكانية توفير الأخيرة مظلة نووية لأوروبا عبر ردعها النووي المستقل، بينما أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن استعداده لبحث اتفاق مماثل مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.

وتشير التقارير إلى أن اتفاق “ترينيتي هاوس” الموقع بين بريطانيا وألمانيا العام الماضي يمثل خطوة أولى نحو تعاون عسكري أوسع، إذ ينص على تمركز طائرات ألمانية مضادة للغواصات في قاعدة “لوسيماوث” بأسكتلندا، وتطوير صواريخ بعيدة المدى وأنظمة دفاع سيبراني متقدمة.

من جانبه، حذّر اللورد هوغتون، الرئيس الأسبق لأركان الدفاع البريطاني، من أن التحول الأمريكي نحو آسيا يستدعي من الأوروبيين التفكير في بناء ردع نووي قاري مستقل، قائلا: “يجب أن ندرس خيارا أوروبيا إلى جانب الردع الفرنسي، لكن السؤال ما زال مطروحا: هل هذا الخيار حكيم أم متهور؟”.

وتعد المملكة المتحدة وفرنسا الدولتين النوويتين الوحيدتين في أوروبا، حيث تمتلك باريس نحو 300 رأس نووي، بينما تمتلك لندن قرابة 250 رأسا، تُشغّل عبر صواريخ “ترايدنت” المحمولة على غواصات Vanguard التابعة للبحرية الملكية، والتي تمثل جزءا من منظومة الردع التابعة للناتو منذ ستينيات القرن الماضي.

وأكد متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية أن “المملكة المتحدة كرّست منذ عام 1962 قدراتها النووية للدفاع عن حلفائها في الناتو، وستواصل القيام بذلك حفاظا على أمن أوروبا والحلف”.

ويوسع حلف “الناتو” نطاق مبادراته في السنوات الأخيرة على حدود روسيا الغربية، واصفا هذا التوسيع بمصطلح “احتواء العدوان الروسي”. وقد أعربت موسكو مرارا عن قلقها إزاء تعزيز قوات الحلف في أوروبا.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد صرح خلال اجتماع نادي “فالداي” الدولي للحوار بأن “من المستحيل تصديق أن روسيا تنوي مهاجمة حلف الناتو” مشيرا إلى أن السياسيين الغربيين يخوفون شعوبهم بصفة دائمة بتهديد روسي مزيف لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية، مشيرا إلى أن “كل ذي بصيرة يدرك أن هذه الأكاذيب لا أساس لها من الصحة”.

وفي الوقت نفسه يؤكد الكرملين أن موسكو في الواقع لا تهدد أحدا، لكنها لن تتجاهل أي إجراءات قد تشكل خطرا على مصالحها.

 

المصدر: “ديلي تلغراف” + RT

Shares