ليبيا – تقرير تحليلي أميركي يحذّر من وهم “وحدة ليبيا” ويكشف واقع الانقسام العميق
ليبيا – تناول تقرير تحليلي نشره مركز “ستيمسون” البحثي الأميركي ما وصفه بـ”جرعة من الواقع.. وحدة ليبيا الزائفة”، مسلطًا الضوء على ما يخفيه الخطاب السياسي المتفائل بشأن الدولة الليبية، رغم واقع الانقسام الحاد ومراكز القوى المتنافسة.
وحدة مظهريّة تخفي انقسامات عميقة
التقرير الذي تابعته وترجمت أهم ما ورد فيه من رؤى تحليلية صحيفة المرصد أوضح أن هذا الوهم يخفي وراءه انقسامات عميقة ومراكز قوى متنافسة وعقدًا من فشل بناء الدولة، مبينًا أن ليبيا عوملت لسنوات على أنها دولة لا تحتاج إلا إلى انتخابات أخرى أو اتفاق آخر لإعادة توحيدها. وأكد أن وراء هذا الخطاب المتفائل مشهدًا أكثر قسوة يتمثل في شبه دول متنافسة وإقطاعيات وميليشيات مسلحة ومؤسسات جوفاء، فيما تختلف القوانين والعملات والحريات الأساسية باختلاف المناطق، ما يخلق واقعًا منفصلًا لليبيين.
تحليل جذور التشرذم وتأثيره على مؤسسات الدولة
ووفق التقرير فإن فهم هذا المشهد الممزق أساسي لكسر وهم الدولة الموحدة، مشيرًا إلى أن فكرة “ليبيا واحدة” صمدت طويلًا لكنها أخفت وراءها أنظمة سلطة تزدهر في ظل الانقسام. واعتبر أن الإطار اللامركزي أو الفيدرالي قد يمثل المسار الواقعي الوحيد نحو الاستقرار، واصفًا مسيرة البلاد نحو الديمقراطية بـ”كوميديا مأساوية” من الأوهام والفرص الضائعة. وأضاف أن ليبيا انقسمت فعليًا منذ 2014 إلى شبه دولتين، واحدة في الغرب وأخرى في الشرق والجنوب، لكل منها خزينتها ووزاراتها وضرائبها، وأن القوانين الصادرة عن طرابلس لا تعني شيئًا في الشرق والعكس صحيح.
فشل المبادرات الخارجية واستمرار صراع الشرعيات
وتابع التقرير أن المؤسسات الوطنية أصبحت أول ضحايا التشرذم، ومن بينها المصرف المركزي، مؤكدًا أن السياسيين والدبلوماسيين الأجانب يواصلون ترديد شعارات “الوحدة” رغم انفصال الواقع عنها. وأوضح أن النخب الشرقية رسخت دولتها المصغرة فيما يتفاوض القادة في الغرب عبر وسطاء الميليشيات، وأن أي طرف لا يرغب بالتنازل عن السيطرة. وشدد على أن فرض خطط “الفائز يأخذ كل شيء” أدى لانهيار كل التسويات، لأن الفصائل تستعد لحماية نفوذها فور شعورها بالتهديد.
خيارات بديلة: نحو نظام لامركزي واقعي
وبحسب التقرير فإن الاعتراف بالانقسام لا يعني الاستسلام، بل يمثل نقطة انطلاق لحلول عملية تقوم على مجالس محلية فعالة وشرطة معززة وبناء مؤسسات جديدة من الصفر. وأشار إلى أن الطروحات الفيدرالية أو تقسيم ليبيا إلى ولايات تاريخية أو توسيعها إلى عدة أقاليم تعكس واقع الانقسامات الميدانية. واعتبر أن إدارة البلاد لامركزيًا قد تكون أفضل من الاستمرار في وهم الوحدة المركزية. وخلص إلى أن ليبيا تحتاج إلى حلول واقعية لمؤسسات فاعلة بدلًا من تكرار الخطط المبالغ في تفاؤلها.
ترجمة المرصد – خاص

