تقرير: يتحدث عن تصاعد العنف ضد النساء في ليبيا وسط الانقسام وضعف المؤسسات

تقرير: “عرب نيوز” يسلط الضوء على معاناة النساء في ليبيا وسط الانهيار الأمني والمؤسسي

ليبيا – سلّط تقرير تحليلي نشره موقع أخبار “عرب نيوز” الدولي الضوء على ما وصفه بـ”تحمّل النساء وطأة الانهيار الليبي”، معتبرًا أن أحد أعمق أوجه الأزمة لا يرتبط فقط بالنزاعات والفساد وانهيار الحكم، بل بمعاناة المرأة الليبية وتزايد أشكال العنف ضدها.

فراغ الحكم وتغلغل الميليشيات
وبحسب التقرير، توجد حكومتان متنافستان تدّعي كل منهما الشرعية، في وقت لا يوفر أي منهما أمنًا حقيقيًا، بينما تستغل الميليشيات الفراغ لتحكم بالقوة لا بالقانون، مع ضعف الأجهزة الأمنية وعجز المحاكم عن إنفاذ الأحكام، وما وصفه التقرير بتجذر الإفلات من العقاب في الحياة اليومية.

تصاعد العنف وجرائم القتل داخل المنازل
وأشار التقرير إلى ازدهار جرائم قتل النساء والعنف القائم على النوع الاجتماعي في هذا السياق، موضحًا أن البيانات المتاحة رغم عدم اكتمالها تعكس أزمة مزمنة ومتفاقمة، لافتًا إلى تسجيل مقتل ثلاث نسوة خلال أسبوع من حملة أممية لمكافحة العنف ضد المرأة. وأضاف أن كثيرًا من الحالات لا تصل إلى العلن، وأن معظم الجرائم تحدث داخل المنازل، ويرتكبها في الغالب أزواج يرتبطون بميليشيات أو ممن يعانون من صدمات نفسية جراء سنوات الصراع، وفقًا لما ورد فيه.

إطار قانوني عاجز ومخاطر الإبلاغ
وذكر التقرير أن الإطار القانوني لا يزال عاجزًا عن تجريم العنف المنزلي أو الزوجي أو التحرش الجنسي، وأن الإبلاغ عن العنف قد يعرّض الضحايا للملاحقة القضائية، فيما ظل مشروع قانون تجريم جميع أشكال العنف ضد المرأة معلقًا منذ عام 2023، معتبرًا أن حظر استخدام مصطلح “النوع الاجتماعي” في السياسات الرسمية يعكس ثقافة سياسية ترى في المساواة تهديدًا.

مفارقة “الحامي – الجاني” وضغوط الأعراف
وتناول التقرير ما وصفه بمفارقة “الحامي – الجاني”، حيث تلقي الأعراف مسؤولية حماية النساء على الأوصياء الرجال، بينما يلحق من يفترض بهم أن يكونوا حماة أكبر قدر من الأذى. وأورد أن بعض النساء يصفن الولاية القسرية بـ”الفخ”، متحدثًا عن حالات زواج من أفراد في مجموعات مسلحة لتجنب المضايقات عند نقاط التفتيش، باعتبارها استراتيجية بقاء قد تعرضهن لخطر أكبر.

العنف الإلكتروني وتضييق المشاركة العامة
وتحدث التقرير عن تصاعد العنف الإلكتروني وتحول منصات التواصل إلى ساحة للترهيب، مشيرًا إلى توثيق زيادة في الاعتداءات بنسبة 89% خلال عام 2025، معتبرًا أن المشاركة السياسية باتت تنطوي على مخاطر شخصية، وأن الرسالة التي تُوجَّه للنساء اللواتي يرفعن أصواتهن هي أنهن قد يصبحن أهدافًا للقتل والاعتداءات.

أثر يتجاوز المأساة الفردية على بناء الدولة
وأكد التقرير أن آثار هذه الظاهرة تتجاوز الجانب الإنساني الفردي، إذ يُقوَّض بناء الدولة عبر استبعاد المرأة من الحياة العامة، بما يقلل المنافسة السياسية ويعيق الحوار المدني ويقصي فاعلات أساسيات من عمليات السلام. وأضاف أن تراجع حقوق المرأة يرتبط بتكلفة اقتصادية تتمثل في انخفاض الإنتاجية وتقلص أسواق العمل وتفاقم هشاشة الأسر، مع تأثير ذلك على جهود التنويع الاقتصادي وأزمة بطالة الشباب وتقلص الحيز المدني، بحسب ما ورد فيه.

معيار الاستقرار والشرعية ومطلب المؤسسات الفاعلة
وبحسب التقرير، فإن عدم تهميش قضية المرأة ينبغي أن يُنظر إليه كأداة تشخيصية ومعيار حاسم لمعرفة قدرة ليبيا على إعادة بناء نفسها، معتبرًا أن دولة عاجزة عن حماية النساء لا يمكن أن تستقر، وأن الحاجة قائمة إلى مؤسسات فاعلة قادرة على إنفاذ القانون، ومحاكم تتعامل مع العنف ضد المرأة بوصفه جريمة لا مسألة عائلية، مع الانتقال من نموذج الوصي إلى نظام قائم على المواطنة تكون فيه الحقوق غير قابلة للتفاوض.

تمكين النساء كاختبار لنهضة ليبيا
واختتم التقرير بالتأكيد على أن أي مسار انتخابي أو ترتيبات لوقف إطلاق النار أو مسارات دستورية لن تنجح إذا بقي نصف السكان تحت التهديد أو الإقصاء، معتبرًا أن المقياس الحقيقي لنهضة البلاد يتمثل في تمكين النساء من القيادة دون خوف، والتحدث دون تهديد، والعيش دون مساومة على الحماية.

ترجمة المرصد – خاص

 

Shares