ليبيا – وجه رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري القيادي في حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين خطاباً إلى رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي بشأن ترشيح شخصية لتحل محل عضو الرئاسي المستقيل موسى الكوني .
المشري قال في رسالته الذي تحصلت المرصد ، الخميس ، على نسخة منه بان أحد مناصب نواب رئيس المجلس الرئاسي أصبح خالياً بعد إستقالة الكوني ، معتبراً أن هذا الفراغ قد أثر سلبا وبشكل واضح في التوازن الذي تأسس عليه المجلس الرئاسى فضلاً عن تدني مستوى الخدمات بشكل كبير في ليبيا على العموم وفي الجنوب بشكل خاص.
وأضاف :” لذلك نحن أعضاء المجلس الأعلى للدولة الموقعون في الكشف المرفق وبناء على الأسباب المذكورة فأننا نطالب بالعمل على ملئ هذا الفراغ بالتنسيق مع الأجسام المنبثقة عن الاتفاق السياسي”.
وأكد المشري على أنهم في مجلس الدولة حريصون على الدفع بالشخصيات التي وصفها بـ” الوطنية ” التي يعول عليها في الدفع بالعملية السياسية وإنهاء الانقسام المؤسساتي ، مبيناً بأنه أحال للرئاسي ترشيح بعض أعضاء مجلسه لسفير ليبيا فى المغرب ” عبدالمجيد سيف النصر ” ليكون بديلاً عن الكوني.
وأرجع رئيس مجلس الدولة الإستشاري في ختام خطابه إختيارهم لسيف النصر لما يتمتع به من مواصفات تؤهله لشغل هذا المنصب وذلك بحسب نص خطابه .
هذا وقد تحصلت المرصد على وثيقة أخرى تؤكد إستلام مدير مكتب رئيس الرئاسي فائز السراج يوسف المبروك لخطاب المشري يوم 19 نوفمبر الجاري ، وأرسل المبروك خطاباً إلى أعضاء الرئاسي بشان تلقيهم خطاب المشري بشأن ترشيح سيف النصر ليكون بديلاً للكوني.
وتأتي هذه الخطوة بينما يفاوض المشري ومجلسه مجلس النواب لتشكيل حكومة وفاق جديدة لتعزز بذلك فرضية عدم جدية الأول فى إزاحة الرئاسي الحالي وحكومته وتشكيل آخر بهدف ” توحيد مؤسسات الدولة ” كما هو مُعلن ، خاصة بعد تعيين المثير للجدل علي العيساوي وزيراً للإقتصاد وفتحي باشا آغا للداخلية رغم عقد المجلسين لإجتماع تقابلي بينهما قبل يومين على مستوى أعضاء المنطقة الغربية لإختيار مرشح جديد للرئاسي عن المنطقة وفق الآلية المتفق عليها بينهما .
و فى 15 نوفمبر الجاري أبدى المستشار عقيلة صالح بحسب المشري انفتاحاً كبيراً جدا لهم على ضرورة العمل والتوافق مع مجلس الدولة خلال اللقاءات التي جرت بينهم فى باليرمو وأضاف فى لقاء عبر قناة ليبيا لكل الأحرار : ” السيد عقيلة قال لي بالحرف الواحد لقد تأخرنا كثيراً أخي خالد عن التوافق بيننا وإيجاد حلول وقد وجهت له دعوة لزيارة طرابلس ولعلنا قريباً سنراه هنا ” .
https://youtu.be/6QENScbyXaA
وبعد هذا اللقاء بأربعة أيام ظهر المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب عبر قناة 218 نيوز قائلاً :” قطعنا شوطا مهماً عبر لجنة الحوار بين البرلمان ومجلس الدولة بخصوص التعديلات السياسية المطلوبة وهناك شبه إتفاق في هذا الإطار كما أكد لي المبعوث سلامة بأن ماسنتفق عليه صباحاً سيوافق عليه المجتمع الدولي مساءً ” .
https://www.youtube.com/watch?v=P9K_Jj9LWf4&feature=youtu.be
لكن رسالة المشري لرئيس الرئاسي بشأن تعيين سيف النصر بديلاً للكوني توحي بعدم جدية غير معلنة من مجلس الدولة فى الجهود المنخرط بها مع مجلس النواب بشأن تغيير الرئاسي بل تدل – بحسب مراقبين – على إنها مجرد خطوات إبتزاز يقول فيها الإستشاري والتيار الإخواني المسيطر عليه عبر رئاسته ومن خلفه حزب العدالة والبناء لـ السراج ” إما التمكين وتحقيق مرادنا أو إسقاطك بينما يسير مجلس النواب بدون أي رؤية أو بحسن نية فى حسن الأحوال بينما تجري المياه من تحت ساقيه إلى أن تغمره حد إعلان شهادة وفاته بالمؤتمر الجامع ” .
وبعيداً عن ” الكولسة السياسية ” توجهاٌ إلى القانون الذي يحتكم له عرابوا الوفاق ممثلاُ فى الإتفاق السياسي فأن المادة الاولى بالمادة الخامسة من الإتفاق الذين يستند عليه المشري والسراج تنص على ما نصه : ” في حال خلو منصب أحد نواب رئيس الوزراء لأي سبب كان، يقوم مجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة بهدف الوصول لتوافق على بديل له خلال موعد غايته عشرة 10 أيام من تاريخ خلو المنصب، على أن يتم اعتماد ذلك الاختيار من مجلس النواب”.
وهو الأمر الذي لم يركن له المشري ومن معه بطبيعة الحال عند ترشيحهم لسيف النصر حيث أعرب سبعة نواب على الأقل تحدثت معهم المرصد عن صدمتهم وبأن لا علم لهم بمسألة هذا الترشيح إلا من خلال وسائل الإعلام بعد تسرب هذه المستندات المرسلة من الإستشاري للرئاسي فى طرابلس . وعلى كل حال لا يعد هذا طعناً فى المُرشح وهو أحد القيادات المحسوبة على الجنوب الليبي وقبائله الفاعلة بقدر مايعد حدثاً فى سلسلة أحداث كان يُعتقد بأنها تجري بعيداً عن هذا المسار .
فى 10 نوفمبر الماضي سجلت الساحة زيارة مفاجئة لسراج إلى إسطنبول إستقبله خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فى الطابق الثاني من ” آق سراي ” أو ” القصر الأبيض” رفقة مستشاره الخاص الطاهر السني ووزير خارجيته محمد الطاهر سيالة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ووكيل وزارة الصحة محمد هيثم عيسى .
ووفقا لبيان صادر عن مكتبه الإعلامي ” أكد السراج في بداية اللقاء على العلاقات التاريخية التي تجمع ليبيا وتركيا، وعلى أهمية الدور التركي وتأثيره إقليميا وإستراتيجيا، معبراً عن تقديره لدعم تركيا للمسار الديمقراطي في ليبيا من جانبه جدد أردوغان دعم بلاده للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني مشيداً بما يبذله السراج من جهود لتحقيق الأمن والإستقرار “.
كما بحث الاجتماع سبل تنمية وتطوير العلاقات الثنائية، وتطرقت المحادثات بشكل خاص إلى التعاون الاقتصادي بين البلدين وآليات تطوير هذا التعاون، إضافة لملف الشركات التركية واجراءات عودتها لاستئناف اعمالها في ليبيا وأكد السراج على أهمية عودة تلك الشركات للمساعدة في تنشيط الاقتصاد وإعادة الاعمار في ليبيا فيما جدد اوردغان تأكيده على استعداد بلاده للمساهمة في مجالات الإستثمار والتنمية وبرامج اعادة الاعمار في ليبيا وتقديم ما يطلب منها في هذا الجانب.
وقبل الزيارة المفاجئة بأربعة أيام فقط إستقبل السراج بمقره فى طرابلس وزير الدفاع التركي ” خلوصي أكار ” على رأس وفد كبير يضم رئيس الأركان العامة الفريق ” باشار غولار ” والممثل الخاص لرئيس الجمهورية عضو البرلمان عن العاصمة أنقرة ” أمر الله إيشلار ” وعدد من مسؤولي وزارة الدفاع والخارجية التركية.
وتناول الاجتماع ، وفقاً لبيان ، العلاقات الثنائية بين البلدين في إطار روابط الأخوة والصداقة الوثيقة بينهما، وتطرقت المحادثات إلى التعاون العسكري بين البلدين وبالاخص التعاون في بناء القدرات الدفاعية والامنية الليبية من خلال برامج التدريب والتأهيل والتجهيز وتفعيل الاتفاقات المبرمة بين البلدين في هذا الشأن.
وتم بحث عدد من المواضيع المتعلقة بمكافحة الإرهاب وآلية التنسيق بين وزارتي الدفاع في البلدين ، وفى سابقة جديدة ، تطرق الاجتماع الى عملية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية حيث أكد السراج على أن هذا هدف أساسي لحكومة الوفاق وان عملية توحيد المؤسسة العسكرية بمختلف مكوناتها تحتاج إلى ارادة سياسية موحدة وتعتمد على نجاح المسار السياسي.
وجائت زيارة الوزير التركي إلى طرابلس متزامنة مع قرار مجلس الامن الدولي بشأن السماح لحكومة الوفاق بتقديم طلبات إلى المجلس لتوريد السلاح والعتاد والمعدات للقوات التابعة التي تحارب تنظيم داعش الإرهابي حصراً كما نص القرار ، الأمر الذي فسره مراقبون بأن تركيا ستكون الوجهة الأولى للرئاسي لإستيراد وشراء الأسلحة لتلك القوات التي يرى فيها البعض بأنها مجرد مجموعات مسلحة غير منضبطة ولا نظامية خاصة بعد تفكيك الحرس الرئاسي وضمه لرئاسة الأركان وتآكل الجيش النظامي فى المنطقة الغربية والوسطى .
فى الأثناء ربط بعض النواب تقارب الرئاسي مع تركيا بوتيرة متسارعة جداً بأنه تعزيز من الأول لموقعه السياسي خاصة مع تقدم المفاوضات بين مجلسي النواب والدولة للإطاحة به وإستبداله بمجلس رئاسي جديد ورئاسة وزراء منفصلة عنه إلى درجة توصلهما إلى جدول زمني لتنفيذ ذلك وإتفاقهما على ملامح السلطة القادمة رغم مغادرة أنقرة لمؤتمر باليرمو بذكريات غير سعيدة.
وأعرب نواب تحدثوا لـ المرصد عن قلقهم من أن يكون السراج قد طالب أردوغان ومن قبله مبعوثه الخاص عند زيارته إلى طرابلس ” أمر الله إيشلر ” بضغوط وضمانات إضافية من وعلى مجلس الدولة الإشتشاري برئاسة خالد المشري المقيم بأسرته فى تركيا لعدم إستكمال المسير فى خطة إستبدال الرئاسي وذلك نظراً للنفوذ التركي لدى جماعة الإخوان المسلمين المسيطرة على الإستشاري ورئاسته ومن خلفها حزب العدالة والبناء وبروز تصريحات ومواقف تشير إلى تراجع تلك الخطة.
فيما يرى آخرون بأن مجلس الدولة ورئاسته لم يكونوا جديين من الأساس فى خطة إستبدال الرئاسي وبأنهم فقط وبعد التعديل الوزاري الأخير وتمكين فتحي باشا آغا وعلي العيساوي من وزراتي الإقتصاد والداخلية قد طالبوا السراج بمزيد من التقارب مع حليفهم التركي وتوقيع الصفقات الإقتصادية معه بدليل حضور الصديق الكبير للإجتماع مقابل إقفال باب إسقاط الحكومة والتباعد عن المحور الآخر الذي تقوده مصر فى المنطقة وهي الخصم الأول للنظام الحاكم فى أنقرة منذ صعود الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي إلى الرئاسة وإسقاط الرئيس الإخواني المخلوع محمد مرسي .
وبالتالي ومع كل هذه المكاسب الحالية والمستقبلية وفى حال توسعة التعديلات الوزارية المرتقبة فأنه لم يعد هناك أي دواعٍ لمجلس الدولة ومن خلفه الإسلام السياسي لكي يسقط السراج ومجلسه وحكومته خاصة فى ظل ورود أنباء عن ترشيح سفير الوفاق لدى أنقرة عبدالرزاق مختار لمنصب وزير الخارجية فى التعديل المرتقب خلفاً لمحمد الطاهر سيالة وهو المعروف بتقاربه مع ذلك التيار تماماً حتى مع نفيه المستمر لإنتمائه لجماعة الإخوان المسلمين .
روايات نيابية قد تبدوا منطقية بالنظر إلى أحد مطالب الرئاسي الثمانية التي قدمها إلى إيطاليا المنظمة لمؤتمر باليرمو ألا وهو التنصيص فى البيان الختامي للمؤتمر على ضرورة سحب ملف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية من مصر وتسليمه إلى الأمم المتحدة ، كما أن قبول مجلس الدولة فجأة بتأجيل النظر فى المادة الثامنة من الأحكام الإضافية بالإتفاق السياسي بشأن المناصب العسكرية القيادية عند إتفاقه الأخير مع مجلس النواب وهي التي تعتبر أهم مكسباً للإسلاميين من إتفاق الصخيرات يدل على أن ماحدث من إتفاق ليس سوى مجرد ” مسايرة لمجلس النواب ” وعدم جدية فى التوصل معه لأي إتفاق بشأن الإطاحة بالرئاسي الحالي وإستبداله .
فى سياق منفصل أعرب الطباخ التركي الشهير ” بوراك ” مدير مطعم المدينة فى إسطنبول عن سعادته بزيارة السراج لتناول وجبة من مطعمه تزامنت مع زيارة مماثلة إلى ذات المطعم بفارق ساعات قليلة قام بها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الذي يتواجد هو أيضاً فى إسطنبول وفقاً لما نشره الطباخ عبر حسابه الموثق فى موقع إنستغرام بينما تداولت تقارير أنباءً عن لقاء غير معلن بين الجانبين فى مقر إقامة أحدهما تركز حول ذات المواضيع بما فيها مسألة الضغط على مجلس الدولة لإبقاء الوضع على ماهو عليه .
ويتمثل هذا الخيار ، بحسب قانونيين ، فى أن يتجه مجلس النواب إلى تفعيل القانون رقم 5 لسنة 2014 بشأن إنتخاب رئيس مؤقت للبلاد بالانتخاب الشعبي المباشر وبقاعدة دستورية هي الإعلان الدستوري وتعديلاته متمثلة فى مقررات لجنة فبراير ( إضغط للإطلاع ) ويقلب بذلك الطاولة على الجميع بمن فيهم مجلس الدولة الذي يتنصل كل مرة من إلتزاماته معه رغم شرعيته المهلهلة وعدم صحة إتعقاده منذ اليوم الأول ، أو أن يبقى النواب منعزولون ومشتتون بين طبرق وطرابلس وبنغازي وتونس والإسكندرية فى إنتظار أن يكتب ” المؤتمر الوطني الجامع ” الذي تحدث عنه سلامة شهادة وفاة مجلسهم بلا رجعة فى أول أسبوع من السنة القادمة ، يقول مراقبون.
وهل سيرد المجلسين بخطوة تخالف ما وقعا عليه فى باليرمو بشأن الإنتخابات ويكملان سيرهما فى خطة تغيير الرئاسي وسط تلكؤ ومساومة من التيار الإسلامي المسيطر على مجلس الدولة ومماطلته للنواب رغم كل التنازلات المقدمة له أم سيعززان تحالفهما مع السراج ؟
لذى فأن على مجلس النواب – وفقاً لبعض أعضائه – أن يضع نصب عينيه خياري ” قلب الطاولة ” و ” هدم معبد الصخيرات على من فيه ” لينهي هذا التلاعب الذي يجري به وعليه وبالليبيين الذين ضاقوا ذرعاً بالجميع وقد بدت حالة من التململ تتفشى بينهم خاصة مع بروز عيوب الإصلاحات الإقتصادية على حياتهم ولعل أبرزها إستمرار الغلاء نتيجة الرسوم المفروضة على النقد الأجنبي بما فيه تضاعف أسعار تذاكر النواقل الجوية الوطنية لثلاثة أضعاف !