إسبانيا – أشار الكاتب دييغو هارانز في مقال بصحيفة “بوبليكو” الإسبانية إن التاريخ قد يعيد نفسه قريبا، وإن الدول السبع صاحبة أكبر اقتصادات العالم قد تدخل في الركود مجددا، وهي محنة شهدتها في بداية السنة المالية 2009 لأول مرة منذ إنشاء هذه المجموعة في 1975.
وأضاف أن هذا هو ما تنذر به التوترات التجارية والمالية والائتمانية والسياسية التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
وحذر الكاتب من أن الوضع الاقتصادي الحالي يتأثر بالحروب الاقتصادية التي أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ صيف 2018، والتي تحولت إلى صراعات مالية وألاعيب لتحديد سعر العملة وخفض نسب الفائدة إلى مستويات تقترب من الصفر، إلى جانب خسائر جانبية كثيرة أخرى سببتها التوترات الجيوسياسية في العالم.
سياسة ترامب الأحادية
وأشار الكاتب إلى أن أبرز هذه التوترات تتمثل في السياسة الأحادية التي تعتمدها الولايات المتحدة تجاه الصين وإيران وروسيا وكوريا الشمالية، والسياسات الخارجية الأميركية المتناقضة التي أدت لاضطراب النظام العالمي، ينضاف إليها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتبعات الخطيرة الحدودية والسياسية المترتبة عنه.
وذكر الكاتب أن أغلب الدول الصناعية الكبرى -سواء كانت منتمية إلى نادي السبع أو لا- تشهد الآن حالة تباطؤ اقتصادي واضح ظهرت آثارها في العديد من المستويات.
وقال إن الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الغربية والمملكة المتحدة، وبدرجة أقل كندا، في وضعية حرجة.
وأفاد بأن تقريرا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نشر في سبتمبر/أيلول الجاري، حذر من حدوث انكماش اقتصادي.
وتابع الكاتب أن هذا الخطر يظهر على أرض الواقع من خلال بعض الظواهر، مثل الانخفاض الحاد في الصادرات الألمانية، وغياب ثقة المستثمرين في الاقتصاد الياباني.
وينقل الكاتب عن الخبيرالاقتصادي في مؤسسة “ديلويت” للمحاسبة إيان ستيوارت قوله “من المبكر توقع حدوث ركود متزامن في كل الدول الصناعية الكبرى، إلا أن هذا السيناريو يبقى معقولا جدا، وإمكانية انحدارها كلها في وقت واحد إلى منطقة الأرقام الحمراء تبقى واردة”.
هشاشة الاقتصاد الأميركي
نبّه الكاتب إلى أن الاقتصاد الأميركي لا يزال أكثر هشاشة مما هو متوقع، حيث إنه حقق نموا لا يتجاوز 2% خلال الربع الثاني من هذا العام.
وتحدث الكاتب عن تبعات الحرب التجارية على قطاع الصادرات، فضلا عن خفض ترامب للضرائب في بعض القطاعات مما أثر سلبا على قدرة الخزينة على تأمين التمويلات، هذا الأمر أثر على مصاريف الحكومة الأميركية، وزاد من خطر إعلان إفلاس الحكومة الفدرالية.
اليابان.. مرض مزمن
أما بالنسبة لليابان، فإن اقتصادها يعاني من مرض مزمن، ورغم تسجيل نمو طفيف خلال فصل الربيع، فإن الأجواء الاقتصادية عادت لتتدهور خلال فصل الصيف، بحسب الكاتب.
معاناة الاقتصاد الألماني
وذكر الكاتب أن الاقتصاد الألماني -الذي يعد قاطرة اقتصاديات الدول الغربية- يعاني بدوره من صعوبات كثيرة، برزت من خلال تقلص نسب النمو في عام 2018، وخلال خريف وربيع 2019.
وقال إن التجارة الخارجية الألمانية تتراجع بسبب انخفاض المبيعات بالأسواق الخارجية وخاصة الأوروبية، علاوة على الخسائر التي تكبدتها خاصة في قطاع صناعة السيارات.
وأشار إلى توقعات البرلمان الألماني بأن يتواصل الانكماش في الربع الثالث من العام.
وبينما يحتاج المستثمرون والشركاء الأوروبيون إلى تشجيعات جديدة، يلوح ترامب بإمكانية إلغاء المزايا التنافسية التي تتمتع بها السيارات الألمانية، وهو ما ينذر باندلاع حرب اقتصادية وتوترات جديدة بين البلدين، كما يقول الكاتب.
بريطانيا بمفترق الطرق
أما بريطانيا، فتضيف الصحيفة الإسبانية أنها تقف في مفترق طرق أمام مأزق الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتلفت الصحيفة إلى أن بريطانيا تواجه خطر مغادرة العديد من الشركات وهروب المستثمرين على المدى القصير والمتوسط والطويل.
وعلى الرغم من أن أرقام الربع الثاني من العام منحتها جرعة من الأكسجين وأنقذت الاقتصاد البريطاني من الوصول إلى المنطقة الحمراء، فإن هناك العديد من المؤشرات التي تبعث على القلق، مثل الأزمة السياسية الداخلية، وفرضية الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
ضبابية الاقتصاد الفرنسي
ويقول الكاتب إن الاقتصاد الفرنسي يعاني من حالة ضبابية وانعدام ثقة، رغم كل المحاولات المبذولة لإنعاشه من خلال حزمة الإجراءات التي اتخذها الرئيس إيمانويل ماكرون بقيمة 17 مليار يورو، والإصلاحات الجبائية التي تم إقرارها لاحتواء احتجاجات حركة السترات الصفراء.
ولا تظهر حاليا -بحسب الكاتب- أي علامات انتعاش سواء في قطاع التجارة أو الصناعة، في ظل تحذيرات العديد من الخبراء ومكاتب الاستشارات من أن الدورة السلبية التي تمر بها فرنسا قد تصبح أكثر سوءًا وتستمر لسنوات.
إيطاليا.. مؤشرات سلبية
كما تشهد إيطاليا مؤشرات اقتصادية سلبية، مثل عدم تسجيل أي زيادة في نمو الناتج القومي الخام خلال أربعة من أصل آخر خمسة أرباع، إلى جانب هشاشة النظام المالي وصعوبة تطبيق خطة حكومية للإنعاش المالي، وفق الكاتب.
كندا الأمل الوحيد
تظل كندا الأمل الوحيد في نادي السبع الكبار، حيث إنها حققت أفضل نمو اقتصادي بينها، بزيادة ناتجها القومي بنسبة تسعة أعشار خلال الربع الثاني من العام.
لكن قطاع التصدير الذي يعد أكبر محرك للاقتصاد، يبقى عرضة لمخلفات الصراعات الدولية وتبادل فرض الرسوم الجمركية بين الأطراف التي تخوض حربا تجارية.
وكالات