المرصد | تلقت المرصد معلومات عن مشاركة مقاتلين من مالي و الجزائر ينتمون لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي إلى جانب ما يسمي ” مجلس تحريرأجدابيا ” و ” سرايا الدفاع عن بنغازي ” فى الهجوم المباغت الذى شنته على معاقل القوات المسلحة جنوبي مدينة إجدابيا بدءاً من أواخر يونيو الماضي .
و تراوح عدد الجزائريين الذين شاركوا فى معارك ” سرايا الدفاع عن بنغازي ” الأخيرة بحسب معلومات المرصد ما بين 30 إلى 40 عنصر ينتمى جميعهم فى السابق إلى جماعات “الموقعون بالدم ” و ” الملثمون ” قبل أن ينضموا لاحقاً لتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي و هي جماعات تزعمها أو شارك فى تأسيسها القيادي مختار بلمختار الذى تحدثت تقارير أمريكية متضاربة عن مقتله فى غارة إستهدفت مقراً جنوبي أجدابيا منتصف يونيو 2015 .
و تؤكد محاولات عناصر تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي و غرب أفريقيا بالدخول مجدداً إلى أجدابيا الذى كان يتواجد بها تحت مسمى أنصار الشريعة و مجلس ثوار أجدابيا بعد طردهم منها و إعلان قيادة الجيش تحريرها من الجماعات الإرهابية يوم 21 فبراير الماضي إلى إهتمام شديد من التنظيم بالمدينة كما تشير إلى علاقة بين قياداته و قيادات ليبية أخرى ترتبط به .
و يعتبر الجنوب الليبي ممراً رئيسياً لعناصر تنظيم القاعدة القادمين من آخر معاقلهم فى الجنوب الجزائري و مالى و يتولى مهام التنسيق بين جهاديي القاعدة و قادة آخرين فى الشمال قيادي ليبي بالتنظيم عائد من سوريا و ينحدر من إحدى قبائل الجنوب و ينشط على المناطق المحاذية للحدود الجزائرية و النيجيرية مع ليبيا .
تشكل الوديان و الجبال المحيطة بضواحي أوباري و مرزقواحداً من أهم معابر هذه المجموعات القادمة من تخوم المثلث الحدودي ” آناي ” الذى يربط بين ليبيا و الجزائر و النيجر .
و بعد ثلاثة أيام من إعلان فرنسا عن مقتل ثلاثة من جنودها فى حادث تحطم مروحية شرقي اجدابيا أصدر مختار بلمختار المكنى بـ ” خالد أبوالعباس ” و ” الأعور ” فى 24 يوليو الماضي بيان تحصلت المرصد على نسخة عنه ندد خلاله بالتواجد الفرنسي فى ليبيا كما أشاد خلاله بموقف مفتى المؤتمر العام الصادق الغرياني قائلاً : ” لقد حقق الشيخ الصادق الغرياني العلم مع العمل بصدعه بالحق في وجه الباطل و اشياعه سائلين الله أن يثبته على الحق ويجعلهم حصناً للشريعة ” . و ذلك فى إشارة منه لوقوف الغرياني و مساندته ” لسرايا الدفاع ” التى تضم عناصر من تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي بزعامة بلمختار نفسه الذى أكد بيانه متابعته و إهتمامه و إشارفه على مجريات العمليات العسكرية .
قادة و قيادات
يتولى أهم عمليات التمويل و النقل و الإعاشة و التسليح قياديان آخران بارزان كانا من ضمن كوادر الجماعة الليبية المقاتلة سابقاً ينحدر أحدهما من قرية بالجنوب أما الآخر من طرابلس و يشغل كلاهما و ظائف قيادية سياسية و عسكرية فى الدولة .
مصادر المرصد أكدت أن محمد باكير و هو قيادي بـ ” مجلس شورى ثوار بنغازي ” و تنظيم أنصار الشريعة قد كُلف بمهام نقل و توزيع مجموعة من مالي توصف بأنها شرسة و متماسكة تنتمي لتنظيم القاعدة فى غرب أفريقيا و تحديداً فى مالي و قد قتل 13 عنصر منهم على الأقل فى الغارات الجوية التى استهدفتهم فى 18 يوليو الماضي و أتُهمت فرنسا التى تطارد الإرهابين الماليين بالوقوف ورائها .
و يلقب باكير إضافة لكنيته ” النحلة ” بكنية أخرى و هي ” الأقطع ” بسبب فقدانه لذراعه اليسرى فى معارك بنينا أواخر سنة 2014 .
و بالعودة إلى أجدابيا ، هناك الساعدي النوفلي الذى كلف برئاسة ما يسمى ” مجلس تحرير أجدابيا و دعم ثوار بنغازي ” و أسمه الحقيقي كاملاً ” الساعدي عبدالله ابراهيم بوخزيم ” و هو من مواليد 1981 و قد ظهر فى يونيو 2016 رفقة العقيد مصطفى الشركسي خلال بيان أعلنوا خلاله عن تأسيس ” سرايا الدفاع عن بنغازي ” التى قالوا أنها تتخذ من المفتى الصادق الغرياني مرجعية لها .
و ألقى الامن الداخلي القبض على الساعدي سنة 2005 بعد ورود معلومات عن سفره الى العراق سنة 2004 و إنضمامه لتنظيم القاعدة و سجلت قضيته تحت رقم ( 355 جهاد ) التى كشفت المرصد عن تفاصيلها فى تقرير سابق .
و تشير وثيقة من أرشيف جهاز الامن الداخلي تحصلت عليها المرصد إلى إعترافه بالسفر إلى العراق لغرض ” الجهاد ” كما إعترف بإنتمائه لتنظيم القاعدة ببلاد الرافدين بقيادة ” أبو مصعب الزرقاوي ” و قد حكم سنة 2006 بالسجن لمدة 10 سنوات و رُحل إلى سجن أبوسليم إلا أن فترة عقوبته لم تنتهي لقيام ” ثورة فبراير ” سنة 2011 فخرج بعد إقتحام ” قوات الثوار ” للسجن و تحرير السجناء فى 21 أغسطس من ذات السنة . و تشير آخر المعلومات إلى أن الساعدي يقوم هذه الايام بإعادة تجميع قواته لإعادة الهجوم خلال الفترة المقبلة .
و فى 6 مايو 2016 عثرت قوات الجيش بعد سيطرتها على أجدابيا بثلاثة أشهر على مقطع مصور تحصلت المرصد على نسخة عنه يظهر فيه مختار بلمختار و عدد من الأجانب رفقة الساعدي بوخزيم النوفلي و الكيلاني بو نوارة الزوي و شقيقه شحات و عدد من القيادات المصنفة من قبل الأجهزة الأمنية السابقة بإنتمائها لتنظيم القاعدة أو تنظيمات جهادية أخرى و هم يتمركزون فى منطقة صحراوية جنوب شرق أجدابيا و هي ذات المناطق التى حاولوا السيطرة عليها مجدداً فى يونيو 2016 .
الكيلاني اي أو الكيلاني أبونوارة و هو أحد قيادات التنظيم فى أجدابيا رفقة شقيقه شحات و رفيقهم ” إبريك مازق ” الملقب بـ ” ابريك المصرية ” يتهم أيضاً بالمشاركة فى العملية و جلب مقاتلو القاعدة الأجانب منذ نهاية 2014 إلى المنطقة ، و وفق وثائق الأمن الداخلي فقد حُكم على الكيلاني سنة 2005 بالسجن المؤبد فى سجن أبوسليم و خرج منه عقب تحطيم أسواره فى 21 أغسطس 2011 و سقوط النظام و كان يتهم بالإنتماء لخلية تنظيم الجهاد بعد إستقطابه للتنظيم عن طريق ” إبراهيم جضران ” القائد الحالى لحرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق الذى قال على الحاسي الناطق بإسمه عقب إحتدام المعارك فى يوليو 2016 أن ما يجري هو معركة بين ” الساعدي النوفلي و خليفة حفتر الفرجاني ” .
تقرير مصور و توثيق شهادات الشهود
و بعد توقف العمليات العسكرية فى مناطق ” المقرون – الجليداية- الرقطة – كركورة – شط البدين – سلطان ” و التى حاولت ” سرايا الدفاع ” التقدم عبرها إلى بنغازي تحرك الزميل الصحفي عمر التواتي فى رحلة شاقة إلى هذه المناطق لتقصي الحقائق و قابل عينات عشوائية من السكان فى مقابلات منفصلة و أكدوا جميعهم وجود عناصر أجنبية من بين القوات التى إجتاحت مناطقهم و قال المواطن فرج العرفي الذى تحدث فى هذا التقرير المصور بمنطقة المقرون : ” هؤلاء ينتمون لبوكو حرام ” .
و أظهر التقرير المصور الذى أعده التواتي للمرصد أثار الدمار و المعارك التى دارت على الارض بين قوات الجيش الجيش الليبي و هذه المجموعات إضافة لآثار القصف الجوي المدمر الذى تعرضت له حتى أُجبرت على التراجع و الإنسحاب و ذهبت كل مخططاتها أدراج الرياح .
سكان المناطق الذين عايشوا القوات المهاجمة لعدة أيام سيطرت خلالها على مناطقهم تعرفوا على قادة الهجوم من الليبيين و منهم الأسماء المذكورة و غيرها و أكدوا أن هؤلاء كانوا يتحركون رفقة مقاتلين أجانب و أنهم قاموا بزراعة عدد كبير من الألغام بمناطقهم كان آخر ضحاياها إثنين من فنيي شركة الكهرباء قتلوا منتصف أغسطس الجاري ، و يتحدث مواطن آخر فى هذا التقرير عن مقتل إبنته و تدعى ” مقبولة ” إثر إنفجار لغم بها كان قد خلفه الإرهابيين فى المنطقة و قال : ” هؤلاء من بينهم أجانب تعرفنا عليهم من لهجاتهم و اللغات التى يتحدثونها و لكن لم نتعرف على جنسياتهم لأننا كنٌا نخاف منهم ” .
https://youtu.be/xbClH0bsP90
خلفية تاريخية
تعود علاقة تنظيم القاعدة بـ ليبيا إلى تسعينيات القرن الماضي بعد ان تمكن عبر مجموعات ليبية متعددة من إستقطاب و تجنيد عدد من الليبيين إلى معاركه فى أفغانستان ضد السوفييت .
و إنخرطت الجماعة الليبية المقاتلة في القتال صفاً واحداً مع تنظيم القاعدة ضد السوفييت والمجموعات الأفغانية المعادية لحركة طالبان ، وفي عام2007 أعلن أيمن الظواهري في بيان مشترك مع أبو الليث الليبي عن انضمام الجماعة لتنظيم القاعدة تحت امرة أسامة بن لادن إلا أن الجماعة إدعت قيامها بعد ذلك بمراجعات فكرية مع النظام الليبي فى كتاب ضخم عنونته بإسم ” دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس” وهو يمثل مراجعة تدعي الجماعة بأنها مراجعة جوهرية لأفكارها إلا أن مراقبون يرون بأن إدعاءات الجماعة زائفة و ذلك بناءاً على سلوكها المتشدد بعد سقوط النظام الليبي .
و رصدت أجهزة الأمن الليبية تنظيم الجماعة المقاتلة في ليبيا عام 1995 وذلك بعد أن لاحق عدداً من أفراده في مواجهة مسلحة شرسة جرت في إحدى ضواحي مدينة بنغازي ، واعتبرت قيادات التنظيم خارج البلاد أن الأمن الليبي قد كشف عن التنظيم فى الداخل قبل أن تكون الظروف مناسبة للجماعة، إلا أنها اضطرت للظهور علناً آواخر العام 1995 في مدينة درنة، وبعد عدد من عمليات المداهمة والمواجهة انتهى التنظيم بمقتل واعتقال عدد كبير من أفراده، وأصبح وجوده المسلح منتهيًا في عام 1999 .
و بعد اندلاع احتجاجات فبراير 2011 و تحولها الى صدام مسلح تشير تقارير إستخباراتية إلى مشاركة حوالي 800 مقاتل من الجماعة فى القتال و كان أغلبهم قادة ميدانيين في المعارك لخبرتهم في الحروب في أفغانستان والبوسنة و منهم أميرهم السابق عبد الحكيم بلحاج الذى كان يكنى بـ ” أبو عبدالرحمن الصادق ” و تمكن هؤلاء لاحقاً من وظائف قيادية بالدولة بعدة مواقع حساسة و يتهمهم خصومهم بإستغلال نفوذهم فى تكوين ترسانتهم العسكرية الخاصة إضافة لإنشاء شبكة تنظيمية معقدة فى كل أنحاء البلاد .
و يعتبر تزايد نشاط تنظيم القاعدة فى ليبيا خلال هذه الفترة بأنه نابع من التركيز الدولى و المحلى بما فيه ” حكومة الوفاق ” على محاربة تنظيم داعش و ترك القاعدة التى صنفها الإتفاق السياسي كمجموعة إرهابية و بالرغم من ذلك فأن الأجسام المنبثقة عنه لم تحدد موقفاً واضح من هذا التنظيم فى ظل تصاعده بل أن بعض شخوصها و كياناتها و بعض الكيانات السياسية التى انخرطت فى عملية الحوار و وقعت عليه تحاول أن تضفى عليهم صبغة الشرعية و الثورية و خاصة فى بنغازي التى أعلن الجيش فيها حرباً مفتوحة ضد كل هذه المجموعات بمختلف مسمياتها و أيدولوجياتها ، كما تعتبر أساليب التنظيم فى التخفي خلف مسميات أخرى كـمجالس الثوار و الشورى و إنخراطه تحت هذه المسميات فى قتال داعش كما حصل فى درنة و براعته و مرونته فى خلق الغطاء السياسي له داخل الدولة كان لها دور فى تمكنه من التملص و التمترس و إعادة تموضعه للفترة المقبلة .
سؤال ؟!
و يبقى السؤال مطروحاً : فى ظل الدعم السياسي و الإعلامي و العسكري الذى يقدمه إعلام الجماعة و شخوصها لهذه المجموعات و كان آخره الدعم اللامحدود للهجوم الأخير الفاشل على أجدابيا و بنغازي ، هل تراجعت الجماعة بالفعل عن أفكارها السابقة فى موالاة تنظيم القاعدة و تكفير الانظمة و الجيوش و مسائل التحاكم و الحسبة و إستحلال المال أم لا !؟