صور | بعد جدلية النفي والتأكيد .. بحث يكشف حقيقة مقطع واقعة ” إرجاع ” وصور الجيش المصري في طبرق

ليبيا – أثار مقطع تحصلت عليه وبثته شعبة الاعلام الحربي بالقيادة العامة للقوات المسلحة هذا الأسبوع الجدل بين مكذب ومصدق لفكرة أنه ملتقط في ليبيا لكونه يوثق لواقعة مقتل مجموعة سورية كاملة في جنوب طرابلس وفقًا لما أعلنته الشعبة في مابات يعرف لاحقاً عبر فيسبوك بواقعة ” إرجاع إرجاع ” لظهور أحد السوريين فيه وهو يطلب من رفيقه بفزع أن يعود للداخل بعد القصف  .

وقالت شعبة الإعلام الحربي أنها ” تحصلت على المقطع من كاميرا كانت مثبتة على خوذة أحد الإرهابيين السوريين المواليين لتركيا في طرابلس والعاملين لصالح حكومة الوفاق وكان المصور يهدف منه لتوثيق معركتهم لكنه وثق عملية مقتلهم وعددهم 10 عناصر على الأقل ” .

وفي المقابل نفت حسابات مقربة من حكومة الوفاق وبعض وسائل الإعلام الموالية لها صحة ماجاء في المقطع ومنهم من قال أنه ملتقط في سوريا حتى أن بعضهم ذهب للقول أن الحكومة السورية في دمشق هي من قدمت هذا المقطع للجيش الليبي لكي يبثه وكأنه في ليبيا بهدف الفبركة وإستخدامه إعلامياً ضد الوفاق .

صحيفة المرصد بحثت خلف الموضوع حتى تحصلت على إحداثيات المنزل الذي قيل أن المقطع ومقتل الإرهابيين السوريين بطرابلس تم بداخله ، وعلى الفور إنطلقنا في عملية مطابقة لحسم هذا الجدل والوصول الى الحقيقة ، فوصلنا إلى مايلي :

الصورة الأولى :

بعد مطابقة صورة المنزل كما ظهر في مقطع الفيديو بصور بالأقمار الصناعية كان يمكننا التأكد من التطابق التام مع منزل يقع في منطقة خلة الفرجان خلف كلية الشرطة جنوب العاصمة طرابلس على إحداثيات :   32.791113, 13.227043

صورة جوية عامة من غوغل إيرث للمنزل الذي شهد الواقعة عند الإحداثيات : 32.791113, 13.227043
صورة جوية عامة من غوغل إيرث للمنزل الذي شهد واقعة مقتل الارهابيين السوريين عند الإحداثيات : 32.791113, 13.227043

وقد وجدنا أولاً في لقطة من الفيديو عند فرار الإرهابيين السوريين من القصف الأول الذي استهدفهم خارج المنزل 1 تطابق الأشجار 2 موقع القصف الأول عند باب خلفي كانو يحاولون الفرار من خلاله ،  3 ممر ترابي وسط الحديقة عليه آثار عبور سيارات 4 سور خارجي ، 5 تطابق مكان وجود الإرهابي السوري من حيث تصميم المنزل ، 6 تطابق منزل ظهر في الخلفية مع منزل مجاور به قبو أحمر .

الصورة الثانية :

هذه اللقطة من الفيديو كانت عندما لاذو بالفرار لداخل المنزل هربًا من القصف وعند مطابقتها ظهر التطابق في 1 شكل تصميم الممشى الداخلي بالمنزل ، 2 ممر السيارات ، 3 بقعة خرسانية في الحديقة ، 4 المدخل الرئيسي ، 5 شجرة .

الصورة الثالثة :

هذه اللقطة  من الفيديو كانت قبل القصف المميت داخل المنزل عندما كان الإرهابيون السوريون يحاولون الفرار وتطابق فيها 1 مدخل المنزل ( العتبة ) 2 جزء من حديقة على شكل نصف دائري ، 3 أشجار المدخل الرئيسي ، 4 أشجار أخرى ، 5 مدخل آخر للمنزل .

الصورة الرابعة : 

كانت هذه اللقطة من الفيديو عند محاولة المصور الفرار والخروج من المنزل الى الشارع وتطابق فيها 1 تصميم مدخل منزل مجاور ، 2 تصميم زاوية مبنى بالمنزل المجاور ،3 الأشجار .

جنود مصريين في طبرق !

في المقابل بثت حسابات ووسائل إعلام موالية لحكومة الوفاق صورًا لجنود مصريين قالت أنهم يتواجدون سرًا في ليبيا رغم أن هويتهم المصرية واضحة جدًا من خلال الشارات والقيافة التي يرتدونها والمكتوب عليها عند الصدر ” القوات المسلحة المصرية “وقد نشرها أحدهم ويدعى زياد محمد في تطبيق إنستغرام يظهر فيها أن التطبيق قد حدد مكان إلتقاطها في طبرق وقد ربط الناشرون الأمر بطريقة توحي أنه موجود داخل ليبيا كقوة معادية بل وعلى متن عربة هامفي الأمريكية المدرعة التي باعتها الولايات المتحدة إلى مصر شرط عدم إعادة بيعها أو إستخدامها لصالح طرف ثالث خاصة في بلد مثل ليبيا .

صورة جنود مصريين من جيش حرس الحدود يحدد انستغرام موضعها في طبرق

بحثت صحيفة المرصد أيضًا خلف هذا الموضوع فلم تتمكن من الوصول إلى الصور في حساب الجندي زياد الذي قام بتغيير خاصية حسابه من عام إلى خاص بعد المضايقات والتعليقات التي تلقاها من قبل حسابات ” بركان الغضب ”  بدعوى انه عدو موجود في ليبيا فيما زعمت قناة فبراير مثلًا  أنه حذف الصور بعد الفضيحة لكن الحساب لايزال موجودًا ولكن أصبح مخصص للأصدقاء فقط بينما ذهب موقع عربي 21 القطري الى النشر بصيغة الجزم أن هؤلاء الجنود داخل طبرق ! .

في المقابل واصلت صحيفة المرصد البحث فوجدت عشرات الصور الأخرى في حسابات إنستغرام شخصية تعود لجنود مصريين يرتدون نفس ملابس زياد وبدلته ويحملون شارات وأعلام الجيش المصري على أكتافهم بسيارات عسكرية لوحاتها مصرية حتى أن تاريخ نشر بعض هذه الصور يعود إلى سنة 2017 .

وبالتدقيق في أصحاب هذه الحسابات من الجنود المصريين والتعليقات على ماينشر فيها وجدنا أيضًا أن جميع هذه الصور ملتقطة علنًا على الجانب المصري من الحدود عند امساعد في نقاط مراقبة وبوابات مصرية ، بينما حدد تطبيق انستغرام  بعضها أوتوماتيكيا في الحدود عند المنفذ تمامًاً وبعضها الآخر في الحدود تحت خانة طبرق الليبية وثالثة في الحدود تحت خانة السلوم المصرية .

عند البحث عن الحدود الليبية المصرية في تطبيق إنستغرام فهو يقدم الحدود ضمن نطاق طبرق الكبرى وأحياناً ضمن نطاق السلوم المصرية

في نهاية المطاف وعند البحث وتتبع خرائط الناشرين تمكنا من التعرف على الطريقة التي يحدد بها تطبيق إنستغرام المواقع في تلك المنطقة الحدودية من خلال خرائطه ، وقد وجدنا أنه وكل ماتم الإقتراب غربًا من المنفذ البري عند الحدود الليبية المصرية يصنف الحد الفاصل كنقطة فرعية تقع ضمن موقع رئيسي ألا وهو طبرق الكبرى وعند الإبتعاد عنه لمسافة نحو الشرق يصنف تحت خانة السلوم المصرية    .

نظام تحديد المواقع في إنستغرام يحدد نقطة الحدود المصرية الليبية عند مساعد ضمن نطاق طبرق الكبرى

لذلك نجد أن تطبيق إنستغرام قد يحدد موقع صور هؤلاء العسكريين المصريين العاملين على الحدود في موقع يسمى أحيانًا ” الحدود الليبية المصرية ” تحت خانة السلوم وأحياناً نجده قد حددها أوتوماتيكيًا في موقع آخر تحت خانة طبرق وكذلك الحال مع المواطنين والمدنيين المسافرين في الإتجاهين والذين ينشرون صور إلتقطوها في الحدود .

مثال آخر في المنفذ الغربي
خارطة توضح المسافة بين جرجيس وراس اجدير عند الحدود الغربية

مثال آخر وجدناه على عيب عدم دقة التحديد الأوتوماتيكي للمواقع في انستغرام ولكنه كان في المنفذ الغربي عند رأس اجدير ، ونقدمه من خلال هذه الصور التي نشرتها بتاريخ 26 مايو 2019 سائحة أجنبية  كانت بملابس سباحة مكشوفة في شاطئ منطقة جرجيس التونسية السياحية الواقعة على بعد قرابة 50 كم  من منفذ رأس اجدير الحدودي .

ووجدنا أن نظام تحديد المواقع في إنستغرام قد حدد موقع إلتقاط صور هذه السائحة أوتوماتيكيًا في منفذ رأس اجدير لكن الحقيقة هي أنها ملتقطة على ساحل سياحي في جرجيس التونسية القريبة .

ومثلما لايمكن أن تكون هذه السائحة تتشمس بملابس السباحة المكشوفة  في منفذ رأس اجدير فليس من المنطق أيضًا أن يكون أولائك الجنود المصريين وسط طبرق بكامل قيافتهم وشاراتهم وأعلام بلادهم ومدرعاتهم الأمريكية بلوحاتها المصرية الفاضحة جدًا لهويتهم – على فرض أنهم يتواجدون سرًا في ليبيا – لأن المهام السرية الخارجية لأي جيش نظامي في العالم تفرض على عناصره أمرين بديهيين وهما أولًا عدم النشر للعامة عبر وسائل التواصل وثانيًا ضرورة التحلي والتحرك بهيئة وملابس وعربات جنود وأهل البلد المضيف حتى لا يتم تمييزهم وفضحهم ، أما حقيقة مقطع الإرهابيين السوريين فباب الجدل فيها قد أُقفل بإحداثيات الأقمار الصناعية .

المرصد – خاص

Shares