مجموعة بحثية: تركيا أرسلت مئات الضباط الأتراك وألاف المقاتلين السوريين ودفاعات جوية إلى ليبيا لدعم حكومة السراج

ليبيا – دعا تقرير صدر حديثاً عن مجموعة “الأزمات الدولية” الحلفاء الإقليميين لأطراف النزاع في ليبيا للعودة إلى مائدة المفاوضات ووقف إطلاق النار، مؤكداً أن التدخل التركي في الحرب لدعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج أسفر عن تصعيد القتال مع القوات المسلحة بقيادة المشير حفتر مما يهدّد بنزاع طويل الأمد.

المجموعة البحثية الدولية أشارت في تقرير حديث بعنوان “تركيا تخوض في مياه ليبيا المضطربة” وفقاً لموقع” إندبندنت عربية” إلى أن تصعيد أنقرة للدعم العسكري للسراج منذ يناير  الذي يكمن وراءه مصالح استراتيجية وسياسية واقتصادية أدى إلى تعقيد الأزمة الليبية متعددة الجوانب فعلى نقيض ما صوّره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحليفه في ليبيا يشير التقرير إلى أن التدخل التركي لم يسفر عن مفاوضات مثمرة بين الفصائل المتنافسة بل كشف بدلا عن ذلك مخاطر مختلفة فكلما زاد دعم الجهات الخارجية التي توفّر العتاد العسكري والمقاتلين لحلفائهم في الداخل كلما طال أمد الصراع وأصبح أكثر فتكاً.

ولفت التقرير إلى أن أردوغان دخل على روايتين مكملتين لتبرير تدخله دفاعاً عن حكومة طرابلس الرواية الأولى تتعلق بالتاريخ الإمبريالي العثماني والوجود الظاهري لمئات الآلاف من الليبيين من أصل عثماني الذين تعرّبوا بشكل كامل، والذين تعهّد الدفاع عنهم. والرواية الثانية تتعلق بالشرعية، فقد وصف “حفتر” بأنه “انقلابي” ووصف هجومه على طرابلس بأنه “محاولة انقلاب”.

وقال التقرير إنه في ليبيا لا تلقى أي من هاتين الحجتين صدى يذكر فمعظم الليبيين حتى أولئك المتحدرين من مصراتة الذين يمكن أن يدعوا أنهم من أصول تركية لا يدعمون التدخل التركي ويعتبرون أنفسهم عرباً.

وأضاف أن قرار أنقرة حماية حكومة طرابلس من الهزيمة جزء لا يتجزأ من طموحاتها الجيو استراتيجية التي تدفع بها على نحو متزايد بما في ذلك عبر فرض قوتها العسكرية ويهدف إظهارُها لقوتها ليس إلى احتواء خصميها القديمين اليونان وقبرص بل أيضاً مواجهة تحالف من الدول العربية معادٍ لأردوغا، وهي القوى الرئيسة الداعمة للجيش الوطني الليبي التي تعارض بقوة المجموعات المرتبطة بجماعة الإخوان التي اكتسبت قوة سياسية في الانتفاضات العربية في عام 2011 وتلقت الدعم من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا. وبحسب التقرير الدولي يشكّل الإخوان جزءاً من حكومة طرابلس، وهو ما دفع أنقرة إلى اعتبار ليبيا حالة أخرى يحاول فيها خصومها الإقليميون إقصاء الإخوان عن الحكم.

ويقول محلل مقيم في أنقرة إن :”ثمة شعوراً بأننا محصورون لا نستطيع التحرك نحن بحاجة لإيجاد حلفاء جدّد وتعميق علاقاتنا مع حلفائنا الحاليين وإيجاد فضاء نستطيع أن نكون موجودين فيه”، إذ يشير التقرير إلى ما ترتبط به أنقرة من علاقات عداء مع جيرانها في المنطقة بخاصة نزاعها مع دول شرق المتوسط في ظل اكتشافات الغاز ومن قبلها ترسيم الحدود البحرية.

وبعد ستة أشهر من حرب وصلت إلى طريق مسدود في ضواحي طرابلس بدأت قوات الجيش الوطني الليبي بالتقدم ببطء نحو وسط المدينة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في محاولة لإسقاط حكومة السراج ونزع سلاح الميليشيات المتحالفة معها وانزعاجاً من هذا التطور – يقول التقرير- بدا المسؤولون في أنقرة مقتنعين أنه من خلال موازنة القوة العسكرية لـ”حفتر” على الأرض يمكنهم خلق ظروف مواتية لوقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي تفاوضي للأزمة الليبية وابتداء من يناير بدأت تركيا في إرسال نحو 100 ضابط وما لا يقل عن 2000 من المقاتلين السوريين المتحالفين معها، بالإضافة إلى دفاعات جوية وأنظمة أسلحة الأخرى.

ورصد تقرير مجموعة الأزمات الدولية المشهد في ليبيا منذ يناير، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن التدخل التركي ساعد على إبطاء تقدم قوات الجيش الوطني الليبي في المناطق التابعة لحكومة السراج مما سمح لقوات حكومة طرابلس باستعادة بعض الأراضي التي خسرتها عندما اندلعت الحرب في أبريل (نيسان) 2019 لكن لم توقف الحرب إذ دان ائتلاف حفتر تصرفات أنقرة وأعاد صياغة جهوده باعتبارها حرب ضد “الاحتلال التركي”.

ومن خلال التدخل، زادت تركيا من انخراطها في تصعيد الصراع مع مزيج معقد من اللاعبين وأصحاب المصلحة بحسب التقرير وفي الوقت الذي يحاول فيه حلفاء أنقرة في طرابلس شن هجمات مضادة ضد معاقل الجيش الوطني الليبي في أجزاء أخرى من البلاد فإن تركيا تخاطر بالانجرار في حرب تتجاوز بكثير ما كانت تهدف له في الأصل ويحذر من أن المزيد من التصعيد يمثل مخاطرة واضحة ويمكن أن يأتي بنتائج عكسية لتركيا ويأتي على حساب الليبيين بشكل عام.

وأثار التقرير نقطة مثيرة بشأن من يدفع مقابل الدعم العسكري التركي لليبيا، مشيراً إلى أنه من شبه المؤكد أن معظم الفاتورة يدفع مباشرة من طرابلس لكن مصادر قريبة من مؤسسة الحكم في أنقرة قالت إن حكومة السراج ليست الكيان الوحيد الذي يدفع وطبقا لرجل أعمال ليبي مقرب من طرابلس ومن مسؤولين أتراك فإن “تركيا نفسها تتحمل جزءاً من التكاليف، والدوحة تسهم أيضاً” وقد موّلت قطر مجموعات مسلحة مختلفة معادية لحفتر وسياسيين في طرابلس على مدى سنوات، كما أنها موّلت تقديم المعدات العسكرية للقوات العاملة في طرابلس والمتحالفة مع حكومة السراج بشكل رئيس عبر تركيا بعد اندلاع الأعمال القتالية في 2019.

مجموعة الأزمات الدولية إستبعدت أن تقدم تركيا أو أي من الأطراف الداعمة للجيش الوطني الليبي تنازلات من جانب واحد إذ سيكون الخيار بين المزيد من التصعيد أو البحث عن تسوية مشتركة تمهّد الطريق للسلام بين حلفائهم الليبيين .

Shares