هلال: أي تحرك عسكري مصري في ليبيا ليس حربًا خارجية وإنما دفاعٌ عن أمن مصر

ليبيا – أكّد المترجم والدبلوماسي والمستشار الأسبق بالبيت الأبيض الأمريكي جمال هلال أن أيّ تحرك عسكري مصري في ليبيا ليس حربًا خارجيّة وإنما دفاعٌ عن أمن مصر الوطني وأنّ العسكريّة المصريّة لديها من الحكمة ما يمكّنها من إدارة الأزمة وعدم الانجرار لأي استفزازات، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ترى أن ليبيا مشكلة أوروبية بالمقام الأول.

هلال الذي عاصر 5 رؤساء أمريكيين أوضح في حوار مع “المصري اليوم” أمس الأحد أنّ أمريكا بشكل عام سواء في إدارة ترامب أو غيرها من الإدارات السابقة لم تنظر إلى ليبيا على أن هناك مصلحة استراتيجية أمريكية للدخول فيها.

وأضاف أن الولايات المتحدة تنظر إلى ليبيا وحوض البحر المتوسّط بشكل عام -باستثناء مصر وإسرائيل- باعتبارها مشاكل أوروبيّة ويجب أن تتعامل معها أوروبا لأن التهديد الحقيقي يأتي لأوروبا من خلال الهجرة غير الشرعيّة أو سفر الإرهابيّين إلى الدول الأوروبيّة ولطالما نظر إليها أوباما بهذا المنظور ومن سبقوه ولم تشتدّ العلاقات الليبية- الأمريكية إلا في قضية لوكيربي والبرنامج النووي الليبي وما حدث في الربيع العربي.

وقال: “الآن إدارة ترامب كانت تنظر لها من بعيد ومازالت حتى العام الماضي أبريل 2019، كانت الولايات المتحدة تردّد مثلها مثل جميع الدول أنها تعترف بحكومة الوفاق وتدعم اتفاق الصخيرات، حتى اتضح أنّ حكومة الوفاق لا تعمل للصالح الليبي وبدأ نوع من السيطرة التركيّة عليها”.

وواصل حديثه: “ففي أبريل 2019 كانت هناك مكالمة هاتفيّة بين ترامب والمشير حفتر دامت قرابة الساعتين، فُهمت أنّها بمثابة ضوء أخضر له بأنه إذا استطاع أن يحرّر كل التراب الليبي بما فيه طرابلس أصبح هو الواقع على الأرض، إلا أنه لم يحرز هذا التقدم وعادة عندما تعطي أمريكا ضوءًا أخضر أو موافقة ضمنيّة يكون ذلك مربوطًا بفترة زمنية معينة وليس إلى الأبد. أعتقد أنّ الطرف الليبي لم يفهم هذه المسألة”.

وأكمل: “يجب أن ندرك أنّه من ضمن المبادئ التي ركز عليها ترامب وإدارته أنه يرفض رفضًا كليًا أن تلعب أمريكا دور شرطي العالم، وأن تُستخدم قواتها المسلّحة إلا في حالة وجود تهديد مباشر”.

وبشأن التقارير الإعلاميّة التي تحدّثت عن إمكانيّة فرض الولايات المتحدة عقوبات على الأطراف المتنازعة في ليبيا، قال هلال: “تستطيع أمريكا أن تفعل ذلك وأن تفرض عقوبات وآلية فرض العقوبات تنتهجها واشنطن عندما لا تريد التدخل أكثر عسكريًا أو سياسيًا مع دولة”.

وكشف عن السبب وراء دخول عناصر في المعادلة الليبية هو أن الدور الأوروبي ينتابه الشيخوخة وترامب أبدى دعمه الضمني في المحادثة الهاتفيّة للقائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر لكن لن يقدم أيّ نوع من أنواع الدعم العسكري، مضيفًا:” إن الولايات المتحدة تركت الأمر لأصدقاء حفتر وخلق ذلك فراغًا، لذلك رأينا روسيا تلعب دورًا وتركيا أيضًا، وكانت أمريكا تأمل في أن الأوروبيين هم من يقومون بملء هذا الفراغ ويحسمون المعركة؛ لأنّهم المهدَّدون من مخاطر سقوط ليبيا في يد أردوغان”.

وأردف: “لكن من الوارد أن تلعب أمريكا دورًا سياسيًا أكبر لأنها لا تريد مشاهدة اثنين من حلفائها في حالة حرب هما مصر وتركيا، وربما هناك مجال لافريكوم أن تلعب دورًا وهي القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا إذا كانت هناك رغبة سياسيّة، لكن حتى الآن لا أعتقد وجود تهديد واضح أمريكي أو أوروبي لأردوغان بعدم التدخل أو التوغل في ليبيا”.

ولفت إلى أن الحرب هي آخر خطوة تلجأ إليها الدول ولا توجد دولة تريد أن تبدأ بالحل العسكري ومصر لديها خبرة طويلة في مجالات الحروب على مدار الخمسة عقود الماضية والعسكريّة المصريّة تعرف تمامًا معنى أن تدخل الدولة في حرب،وأن يحول اقتصادها إلى اقتصاد حرب طويلة.

واستطرد: “تاريخيًا وتقليديًا الجيش المصري لا يخوض حروبا خارج حدوده، رأينا فقط هذه المسألة في حرب اليمن في بداية الستينيات، وسببت عقدة لدى الجيش المصري مثلما سببت حرب فيتنام عقدة لدى الجيش الأمريكي؛ ولذلك هناك نوع من الحرص الشديد من العسكريّة المصريّة على ألا تغرق قوّاتها في حرب أخرى”.

المترجم والدبلوماسي والمستشار الأسبق اختتم بالقول: ” لكن الوضع في ليبيا ليس حربًا أخرى، إنما دفاعٌ عن الأمن الوطني المصري، فربما توضع في منطقة (مجبر أخاك لا بطل) لكن المؤسسة العسكريّة المصريّة تتمتع بحكمة غير عادية، ولا تنجر لأيّ استفزازات وتتمتع بحكمة مستفزة، حتى ولو كانت للشعب المصري نفسه “.

 

Shares