ليبيا – قال عضو مجلس الدولة الإستشاري بلقاسم قزيط إن المناخ الدولي للمرة الأولى بات مواتيا لإنجاز حل توافقي لإنهاء الأزمة الممتدة قبل سنوات طويلة، مشيرا إلى أن الأمر ليس سهلا، لكنه أصبح ممكنا جدا في الوقت الحالي.
قزيط عبّر في مقابلة مع موقع “عربي21” القطري عن تفاؤله بالجهود الحالية التي تسعى لرأب صدع الأزمة الليبية، قائلا: “نحن متفائلون على المدى المتوسط والطويل بأن هناك جهودا حثيثة تُبذل. بالطبع تلك الجهود لم تكتمل ولم تنضج بعد، حتى تكون ثمارها دانية القطوف، إلا أننا في الواقع لا ندعو مطلقا لاستعجال النتائج، لأن ابتسار المسار السياسي سينتج مولودا خداجا (سابقا لأوانه) مشوها”.
وأشار إلى أنه رغم الصعوبات التي من المنتظر أن تواجهها اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي، نحثهم على بذل أعلى درجة من الجدية والحماس لإنجاز التوافقات المطلوبة لأن توافقهم يعني خروج البلد من أزمته الطويلة، والطريق الوحيد إلى دولة ديمقراطية هي الانتخابات بحسب قوله.
وشدّد على أنه من المهم جدا الوصول إلى انتخابات نزيهة وشفافة في أقرب الآجال، لأنها ستحسم مسألة نزاع الشرعيات الذي أدخل البلاد في أتون الحرب والصراع.
وأوضح أنه “ما لم تكن هناك آلية واضحة لاختيار سلطة تنفيذية موحدة تدير البلاد حتى إجراء الانتخابات المقبلة فلن نصل أبدا إلى انتخابات حقيقية، لكن يجب أن تكون هناك أولا سلطة موحدة، وعلينا ألا نغفل أن بعض المتصارعين على السلطة يعتبرون تراجعهم خطوة واحدة سينتج عنه التقهقر أميال بعيدا عن الحكم”.
وقال إن بعض الأشخاص والجهات يهدفون إلى نهب الدولة، خصوصا وهم يرون كثيرا من اللصوص أصبحوا اليوم وجهاء وقادة سياسيين على حد تعبيره.
وعن تداعيات اعلان نحو 30 عضوا بالانسحاب من لجنة الحوار التي تضم 75 شخصا، ذكر أن “التوافق لم يحدث بعد على صفقة متوازنة تشمل الجميع، ودون هذه الصفقة كل شيء وارد، وقد تتعرض العملية برمتها إلى الانهيار والفشل التام”.
كما أكمل: “حوار اليوم لا توجد به روح رياضية للخاسر مهما كانت العملية منصفة ووفق القواعد الديمقراطية. الكل يريد أن يكون جزءا من السلطة أو الغنيمة. وفي حالة غياب الثقة، كما هو حالنا اليوم، لا يجب أن يخسر أحد حتى ديمقراطيا أو توافقيا. نريد ديمقراطية يربح بها الجميع، وتوافقا لا يقصي أحدا في نهاية المطاف”.
وأضاف أن “إدراج مطلب تعديل مكتب رئاسة مجلس النواب هو ما أفشل لقاء غدامس الذي كان يهدف لانتخاب رئيس البرلمان”، كنت أتمنى أن يكون النواب أكثر تعقلا، ويضعون أهدافا واقعية متدرجة، لكن سقف المطالب العالية أفشل اللقاء، وبالطبع يعود ذلك لأسباب سياسية وليس بسبب فيروس كورونا – كما يدعي البعض- فهذا الفيروس بريء من فشل الجلسة براءة الذئب من دم يوسف”.
ووصف المشهد في ليبيا الآن بأنه “إدارة لفوضى يستغلها الجميع للقفز على السلطة، لكنها ليست بإدارة ليبية، بل هي إدارة خارجية. وبلادنا بكل أسف باتت مسرح صراع إقليمي، وعديد من الدول تحاول جعل ليبيا منطقة نفوذ أو حديقة خلفية لها، إلا أنني أتصور أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستحد بشكل كبير من التمدد الإقليمي والدولي في ليبيا”.
قزيط رأى أن “التحركات العسكرية الأخيرة لقوات حفتر بالقرب من خطوط التماس، خاصة في محافظتي سرت والجفرة لن تؤدي إلى حرب أو أعمال عسكرية في الأفق، لأنها مجرد محاولات ضغط وابتزاز لا أكثر، وبالتأكيد حالة التوازن تمنع أي طرف من المغامرة المكلفة، ومَن يغامر خارج إطار رضا المجتمع الدولي قد يفقد الكثير”.
وفي سياق آخر أشاد بزيارة الوفد المصري إلى العاصمة طرابلس، والتي قال إنها تأتي في إطار السعي للوصول لحل شامل للأزمة الليبية، وإنهاء المراحل الانتقالية في أسرع وقت ممكن، منوها إلى أنهم رحبوا بتلك الزيارة من أجل تعزيز العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين.
ودعا إلى مزيد من التعاون المشترك بين ليبيا ومصر من أجل الاستقرار السياسي الليبي الذي يخدم الجميع، مضيفاً”نرى خطوة توسيع نطاق التواصل مع الفرقاء السياسيين الليبيين خطوة مهمة لدعم التوافق الليبي، ويجب تسريع فتح السفارة المصرية في طرابلس لاستئناف أعمالها بشكل طبيعي خدمة لمواطني البلدين، وهو نعتقد أنه سيحدث قريبا”.
ولفت إلى أن استمرار انقسام الأجسام التشريعية والتنفيذية الليبية يُعد كارثة بكل المقاييس، ولاشك أن الجميع شارك في ذلك، لكن من الواضح أن البرلمان كان أكثر تعنتا من مجلس الدولة، وإن كان الأخير افتقد المرونة في كثير من المحطات المفصلية وفقاً لحديثه.
كما اختتم حديثه قائلا إن “المجلس الرئاسي كان المستفيد الأكبر من الانقسام، وهو الذي عمل على استمرار وترسيخ هذا الانقسام بينما كانت مهمته الرئيسة هي توحيد جميع مؤسسات الدولة الليبية”وفق قوله.