بورقيبة وموسوليني وجها لوجه!

تونس – التقى في مثل هذا اليوم من عام 1943 زعيم النظام الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني بأحد قادة النضال التونسي ضد الاستعمار الفرنسي، الحبيب بورقيبة في محاولة لاستمالته إلى جانب المحور.

قبل ذلك، حاولت السلطات الاستعمارية الفرنسية قمع حركة الاستقلال في تونس، وقامت في عام 1934 بنفي بورقيبة ومناضلين آخرين إلى منطقة صحراوية في جنوب البلاد، ثم أطلقت سراحهم في عام 1936، لتعيد اعتقالهم  في عام 1938، وتتهم بورقيبة وآخرين “بالتآمر على أمن الدولة”، كما اتهم بالتحريض على مقاطعة الضرائب والخدمة العسكرية.

سُجن بورقيبة لأول مرة في تونس، ثم في مرسيليا وأخيرا في ليون، أطلق الألمان النازيون سراحه بعد احتلالهم لفرنسا ووصولهم إلى حنوبهاـ وأرسل إلى روما حيث استقبله مع آخرين مطلع عام  1943 في روما الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني، في محاولة فاشلة لاستمالته إلى صفوف النازيين.

الحبيب بورقيبة كان وجه رسالة إلى رفيقه الحبيب ثامر في 10 أغسطس 1942 لتحديد موقفه من الحرب الدائرة حينها بين الحلفاء والمحور، أكد فيها أن “ألمانيا لن تكسب الحرب ولا يمكنها الانتصار فيها مع وجود العملاق الروسي وأيضا الأنغلو ساكسون، الذين يسيطرون على البحار وإمكانياتهم الصناعية لا حصر لها، سيتم سحق ألمانيا كما لو كانت بين فكي كماشة لا تقاوم .. يتم إعطاء الأمر لك وللنشطاء، لإجراء اتصالات مع الفرنسيين.. يجب أن يكون دعمنا غير مشروط. إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لتونس”.

بورقيبة وموسوليني وجها لوجه!

وبعد عودة بورقيبة إلى بلاده في 7 أبريل 1943، جدد طروحاته المرسلة من السجن في أغسطس من العام السابق، مشددا على أن ألمانيا محكوم عليها بالهزيمة، وأن استقلال تونس، الذي وصفه بأنه مسألة حياة أو موت، لا يمكن تحقيقه إلا بعد انتصار الحلفاء.

تعكس هذه الصفحات المنسية من تاريخ تونس الذي وقع في قبضة الاحتلال الفرنسي في عام 1881، الدور الهام الذي  لعبه بورقيبة، مؤسسة الدولة التونسية الحديثة وأول رئيس لها بعد الاستقلال، والطريق الشاق الذي سلكه في أتون الحرب العالمية الثانية وسنوات النضال لنيل الاستقلال عن فرنسا.

لم تلق شخصية بورقيبة ما تستحق من اهتمام، وحاول الاستعمار الفرنسي بكل السبل التقليل من أهميته وحتى اتهامه باتخاذ مواقف مؤيدة لدول المحور نكاية بفرنسا، إلا أن الرجل نجح بحنكته في اجتياز الصعاب ووصل ببلاده إلى بر الأمان، بنيلها استقلالها عن فرنسا في عام 1956، وتوليه رئاستها من عام 1957 حتى تاريخ تنحيته من منصبه السادس من نوفمبر 1987، بانقلاب أبيض قاده رئيس وزرائه ووزير داخليته زين العابدين بن علي. ومنذ ذلك الوقت بقي بورقيبة تحت الإقامة الجبرية في مدينة المنستير، إلى أن وافته المنية في السادس من أبريل عام 2000.

المصدر: RT

Shares