الدايري من روسيا : دول دعمت الإرهاب فى ليبيا و الثني قريباً بموسكو و هذه رسالتنا لسلامة

ليبيا- أكد وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة محمد الدايري إنفتاح روسيا على كافة الأطراف السياسية والعسكرية في ليبيا لوقوف الروس على مسافة واحدة من هذه الأطراف رغبة منهم في إتفاق الليبيين مع بعضهم البعض سواء في الشرق أو الغرب أو الجنوب.

الدايري أوضح في لقاء خاص معه أذيع أمس السبت عبر قناة روسيا اليوم وتابعته صحيفة المرصد بأن الجميع مقتنع بهذا التوجه الرامي إلى إتفاق كافة المشارب السياسية وإفضاء الأوضاع السائدة حاليا في ليبيا إلى أي حل سياسي ومتفق على ضرورة إقصاء “الإرهابيين” مشيرا إلى أهمية إنفتاح روسيا بوصفها دولة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن وصديقة للشعب الليبي وتقف مع طموحاته وهي تعتقد أن هذه الطموحات متعددة الأوجه ولا توجد في معسكر أو صف سياسي بعينه وهذا ما قاد إلى دعوتها لرئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني لزيارة موسكو على أن تسبقها زيارة الدايري الحالية.

وأشار الدايري إلى التثمين العالي للحكومة المؤقتة لموقف روسيا من قضية الإستقرار السياسي وإستتباب الأمن في ليبيا فيما ينتظر من موسكو دور أكثر نشاطا من ذي قبل في مساندة مساعي الأمم المتحدة التي تقود عملية إستتباب الأمن والإستقرار السياسي بعد إتفاق الصخيرات حيث يوجد إهتمام روسي من خلال مجلس الأمن داعيا في ذات الوقت الروس لأن يكونوا أكثر نشاطا في تتبعهم الأمور ومساندة جهود المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا غسان سلامة الذي ينبغي أن يحظى بإهتمام ومساندة كل الأعضاء سواء الدائمين وغير الدائمين في المجلس.

وتطرق الدايري إلى مسألة تقييم أداء المبعوث الأممي السابق مارتن كوبلر الذي تم الترحيب به في البداية ولكن بعد حين كانت هنالك تحفظات كبيرة على أدائه حيث يعلم الجميع بأنه لم يستطع التواصل مع الصف السياسي الذي تنتمي إليه الحكومة المؤقتة وبالتحديد مع قيادة الجيش ولم يتم ذلك إلا بعد إنقطاع دام عاما ونصف مشيرا إلى اللقاء الذي جمع كوبلر بالمشير خليفة حفتر قبل يوم واحد من توقيع إتفاق الصخيرات وما تلاه من مؤتمر صحفي مشترك أكد خلاله المشير على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السياسية التي تعصف بليبيا ودعمه للإتفاق الذي تم التوصل إليه في ذلك الحين وطلبه بعض الوقت لتتم بعض المشاورات ليتم إنجاح المسار السياسي الذي انتهت إليه الصخيرات حيث كانت هنالك مساندة قوية للإتفاق السياسي لاسيما بعد أن إستقبل قائد الجيش بعد ذلك في مدينة المرج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج وعضو المجلس فتحي المجبري.

وأعرب الدايري عن تطلع الحكومة المؤقتة إلى مساندة المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة بعد أن كانت هنالك تحفظات كبيرة على أداء سلفه كوبلر الذي فشل في إنهاء الإنقسام في ليبيا من خلال إتفاق الصخيرات بسبب مواقفه وتصريحاته وإنحيازه لطرف دون الآخر فيما قام بعد أن إتضحت له حقيقة الأوضاع في البلاد بالتواصل مع الحكومة والأعضاء المقاطعين للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح معبرا عن رغبته بلقاء قائد الجيش المشير خليفة حفتر حيث كانت للمبعوث الأممي السابق قراءة خاطئة للخارطة السياسية والعسكرية والإجتماعية في ليبيا فضلا عن قيامه بممارسات وإتخاذ مواقف كان لها أثر سلبي ليحاول في آخر الأمر تغيير المسار.

وأضاف بأن المنتظر من سلامة هو القيام بجهد متميز وكبير خلال الشهور الـ6 القادمة لإيجاد إتفاق حول تعديل الإتفاق السياسي من خلال تعديلات طفيفة والذهاب مع الجميع إلى حكومة وطنية واحدة ومجلس رئاسي معدل حيث يمثل هذا الأمر مطلبا ملحا لاسيما بعد حالة الجمود الذي عانت منه الأوضاع منذ قيام أمين عام الأمم المتحدة بإيجاد بديل لكوبلر ولم يتم ذلك بسبب ما شهده مجلس الأمن وهو ما يحتم على المبعوث الجديد العمل على تعديل الإتفاق الموجود الذي يوجد إجماع على ضرورة التمسك به كأساس للخروج بحل سياسي للأزمة الليبية.

وشدد الدايري على كون مسألة تعديل الإتفاق السياسي أمر مفروض وتم حسمه من قبل رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح خلال محادثاته مع كافة الأطراف العربية والأممية والإفريقية وأكد عليه قائد الجيش المشير خليفة حفتر والحكومة المؤقتة المنبثقة عن المجلس بوصفه الشرعية الدستورية الليبية حيث تساند الحكومة للبرلمان ومساعي قيادة الجيش في التوصل إلى حل سياسي يكمن في إجراء تعديلات على الإتفاق السياسي مشيرا في ذات الوقت إلى إستبعاد الخيار العسكري لحل الأزمة في البلاد وهو ما أكد عليه المشير والمستشار خلال لقاء جمعهم بوفد عالي المستوى من الإتحاد الإفريقي فيما تعرضت الجهود العربية المتمثلة بدور الإمارات التي جمعت قائد الجيش برئيس المجلس الرئاسي فايز السراج للتعطيل فضلا عن عرقلة بعض الأطراف العسكرية للقاء سابق كان مقررا له أن يجمع الطرفين في القاهرة نتيجة للمساعي الديبلوماسية المصرية الحميدة.

وطالب الدايري المجتمع الدولي بجعل القرار الأساسي لليبيين أنفسهم بعد أن أخذ هذا المجتمع درسا من فرض أشخاص وأمور على الشعب الليبي وهي أحد أسباب فشل تنفيذ الإتفاق السياسي بعد أن تم فرض إملاءات على هذا الشعب الذي رفضها داعيا في ذات الوقت المجتمع الدولي إلى الإستماع للجميع وإقصاء “الإرهابيين” المصنفين من خلال مجلس الأمن وهم عناصر تنظيمات “داعش” و”القاعدة” و”أنصار الشريعة” فيما يكمن التحدي القائم في ليبيا الآن في وجود جماعات لا تسمي نفسها بإسم هذه التنظيمات بل تقوم بدعمها.

ووصف الدايري قيام قادة تنظيم “أنصار الشريعة” بالإعلان عن حل التنظيم بالضحك على الناس ومناورة سياسية واضحة ومكشوفة حيث يتعلق الأمر بكيانات سياسية أخرى تساندهم فعليا بالسلاح والمال ولكنها تريد الإنخراط في تنفيذ الإتفاق السياسي والحل السياسي مبينا بأن التطورات الأخيرة في أوروبا وبريطانيا أظهرت الكثير من الحقائق للعلن حيث بدأ الرأي العام الأوروبي يعي جيدا بأن هنالك جماعات إرهابية متصلة بليبيا تقوم بالإخلال بالأمن والقيام بعمليات إرهابية في أوروبا وكانت الحكومة المؤقتة تعرفهم وتشير إليهم إلا أن مفهوم إنعدام الإقصاء وشمولية الحل السياسي حال دون الإلتفات إلى ما أشارت إليه الحكومة.

ودعا الدايري العرب إلى الوقوف إلى جانب مشروع واضح في دعم الدولة الوطنية وليس مشروع للفوضى التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية منذ الإنقلاب على الشرعية في العام 2014 والذي تمتع بدعم بعض الأطراف العربية فيما دعم المجتمع الدولي بما فيه جامعة الدول العربية والإتحاد الافريقي الحكومة المؤقتة والشرعية الدستورية الليبية على الصعيد السياسي مشيرا إلى وجود أطراف عربية وإقليمية أستمرت في دعم الجماعات التي إنقلبت على الشرعية حيث دعمت الدول العربية وغيرها بإستثناء أطراف إقليمية معروفة الشرعية في اليمن بعد الإنقلاب عليها فيما كان هنالك إجماع في الخفاء على دعم الجماعات المسلحة العنيفة التي تمارس الإرهاب على الشعب الليبي وتمارس الضغط على دول الجوار في تونس والجزائر ومصر وتقوم ببعض العمليات المهددة للأمن القومي العربي والليبي فضلا عما حدث بعد إتفاق الصخيرات من تجاوز وضرب للسيادة الليبية بعرض الحائط والإتفاق حول دعم الحكومة الموجودة في العاصمة طرابلس.

وأشار الدايري إلى أهمية المضي في السبيل الذي إنتهجته تونس ومصر والجزائر لحل الأزمة في ليبيا حيث يتوق الجانب الليبي إلى نتائج جهود هذه الدول التي تعرف إشكالات الوضع الليبي وهو ما يحتم على المجتمع الدولي أن يفعل كما فعل في سوريا من خلال الضغط على قوى إقليمية مخربة تريد محاربة مشروع الدولة وإستتباب الأمن في ليبيا ومنها ما زالت تؤيد الفوضى والمجموعات المسلحة التي لا تساهم في حماية حكومة الوفاق المرفوضة من مجلس النواب التي إتفق بشأنها المجتمع الدولي والتي تواجه تحديات في العاصمة طرابلس وفي الغرب الليبي.

وأرجع الدايري عدم القدرة على الإستجابة للمطالبات بشأن إجراء إنتخابات رئاسية ونيابية إلى إستمرار مشروع هدم الدولة الذي تمارسه القوى الظلامية والميليشيات وهو ما يحتم وجود ضغط ليبي وعربي ودولي لإيقافه مبينا بأن الجماعات التي تريد الهدم منها ما يسمى “الثورة” وجماعات تتمتع بدعم خارجي ولا تريد إعادة بناء جيش وطني ليبي أو شرطة وأجهزة أمنية حيث لم تسقط الدولة في تونس ومصر التان إجتازتا مراحل صعبة فيما سقطت الدولة في ليبيا بوجود قوة ظلامية وإقليمية أرادت ضرب الجيش والأجهزة الأمنية وحالت دون إعادة قيام الدولة في ظل وجود فوضى في بعض المناطق وميليشيات مسلحة مسيطرة لا تخضع لسيطرة الدولة ولا ترغب بمنظومة الحل السياسي.

وتطرق الدايري إلى وجود تواصل بين ضباط الجيش الليبي في الغرب والشرق والجنوب وتوجه لإعادة بناء الجيش على أساس وطني كامل فضلا عن وجود إجتماعات رعتها الأمم المتحدة وتم الإتفاق على بعض المبادئ التي ساهمت فيها القيادة العامة إلا أن تعنت بعض التشكيلات العسكرية الخارجة عن إطار الدولة والتي تتمتع لحد الآن بدعم بعض الدول يحول دون تحقق ذلك بشكل تام مشيرا في ذات الوقت إلى تحية ما قامت به قوات البنيان المرصوص المحررة لمدينة سرت بوصفها قوات وطنية ساهمت في دحر تنظيم “داعش” حيث يوجد تواصل مع بعض القيادات في هذه القوات ولا يتوقع أن يكون هنالك أي خلاف بين قادة وضباط الجيش الذين عملوا سويا قبل العام 2011 وينضوون تحت تراتبية عسكرية معروفة إذ يمثل توحيد المؤسسة العسكرية مطلبا للوحدة بين صفوف أبناء الشعب الليبي في الجيش.

وأضاف بأن المطلوب من مصر وتونس والجزائر هو دعم الحوار بين أبناء الشعب الليبي الواحد والضغط من اجل إبعاد التدخلات والضغوط التي تدعم التشكيلات التي لا تخدم الدولة الوطنية في ليبيا متمنيا في ذات الوقت أن تنعكس الأزمة الخليجية بشكل إيجابي على الوضع في البلاد ليترنح الدعم لبعض الجماعات المتطرفة والعنيفة وتتم المساهمة في إيجاد تفاهم بين أبناء الشعب الواحد في ليبيا والتطلع إلى مخرجات إيجابية من الحراك الذي يتم في الخليج والذي شاركت به مصر.

وتحدث الدايري عن دور الدول الإفريقية المعبرة عن دعمها للمسار السياسي في ليبيا من خلال التحاور مع دول الجوار والأمم المتحدة والمسار الرباعي بين الإتحادين الإفريقي والأوروبي وجامعة الدول العربية والمنظمة الدولية والذي يسعى لمواكبة ما يحدث في البلاد ودعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة والتي من المنتظر أن تساهم بها تونس والجزائر ومصر بشكل إيجابي وأكثر فعالية من ذي قبل حيث تسبب غياب التوافق الدولي بشأن ليبيا بفشل تنفيذ الإتفاق السياسي.

وأضاف بأن الليبيين يتأثرون بتأثيرات إقليمية ودولية ولو كان الأمر متروكا لهم لكانت الأوضاع أسهل حيث قامت بعض الأطراف السياسية الخاسرة في الإنتخابات بعدم قبول النتائج فيما تمثل الإنتخابات الرئاسية والنيابية جزء من الحل مبينا بأن العبرة تكمن في إيجاد من يقود التواصل بين الأطراف الليبية المعنية ومصر وتونس والجزائر حيث من المنتظر من المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة بذل جهد كبير ومتميز للتوصل إلى الخطوات الأولية الممهدة لإنتخابات رئاسية ونيابية والتصويت على الدستور كدليل لإنتهاء المرحلة الإنتقالية.

 

Shares