المغرب – بدأ وفد فلسطيني، اليوم، زيارة إلى المملكة المغربية تستمر حتى 28 يونيو/ حزيران الجاري، بدعوة من “وكالة بيت مال القدس الشريف”.
وفق بيان الوكالة، تندرج الزيارة في إطار “فضيلة التشاور المستمر التي دأبت عليها الوكالة مع شركائها الفلسطينيين، لترتيب أولويات تدخلاتها في القدس، لاسيما في ظل التطورات المتسارعة التي أعقبت الأحداث الأليمة للسابع من أكتوبر 2024”.
وتطرح الزيارة العديد من التساؤلات في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف الحرب حتى الآن.
ويشهد المغرب احتجاجات شعبية بين الحين والآخر، منددةً بالمجازر الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة، ومطالبةً باتخاذ مواقف دبلوماسية بشأن عملية التطبيع مع إسرائيل.
وبشأن أهداف الزيارة، قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، إن الملاحظة الأولى التي يجب الانتباه إليها أن الوفد الفلسطيني الذي يزور المغرب، له علاقة بالقدس التي يرأس المغرب لجنتها ويوجد مقر بيت مال القدس في عاصمة المملكة الرباط.
وأضاف في حديثه “، أن الزيارة توضح أنه داخل الحرب الجارية في قطاع غزة يفكر المغرب في القدس.
وأوضح أن التشاور مع كل القيادات الفلسطينية سواء في السلطة أو غزة لم ينقطع، لأن القيادات الفلسطينية تدرك جيدا قوة المغرب في التأثير الإيجابي في مسار الملف الفلسطيني.
ولفت إلى أن المغرب ينظر إلى القضية الفلسطينية من ثلاث زوايا، زاوية القانون الدولي، ويرى فيها أن الملف يوجد بكل مكوناته القانونية لدى الأمم المتحدة، وأن هناك قرار من نهاية الأربعينيات الذي ينص على حل الدولتين.
أما الزاوية الثانية وهي السياسية، ويرى فيها المغرب أن السياسيين الفلسطينيين يعرفون مسار ملفهم، ويمكنهم في أي لحظة الوصول إلى اتفاقات مع إسرائيل، مثل اتفاق “غزة أريحا” في بداية التسعينيات.
الزاوية الثالثة، وهي ترتبط بالعقيدة والقدس، وهنا يقول المغرب إنه ولو نسي بعض الفلسطينيين القدس فإن المغرب لن يتخلى عنها، وفق حديثه.
واشار إلى أن المغرب استطاع التوفيق بين علاقته مع إسرائيل، ودفاعه عن الفلسطينيين، بعيدًا عن الحرب الإعلامية والأيديولوجيات، التي يشنها البعض على المغرب.
ويرى أن المغرب يفكر في القضية الفلسطينية دون مصالح، كما تقوم العديد من الدول في هذا الإطار، في حين أن المغرب منذ نهاية الخمسينات يعد الدولة الوحدة التي تخدم القضية الفلسطينية دون شعارات
وتابع: “قضية ما يسمى بالتطبيع سلاح في يد المغرب للضغط على إسرائيل لأن العلاقات الإسرائيلية مع المغرب باتت قضية أمن داخلي إسرائيلي، عكس ما يعتقد البعض، وهنا تكمن قوة المغرب في خدمة القضية الفلسطينية وهو في علاقة مع إسرائيل”.
من ناحيته قال الأكاديمي المغربي والمحلل السياسي إدريس قصوري، إن مواقف المغرب تجاه القضية الفلسطينية دائما راسخة مهما كان المسؤول الفلسطيني وكيفما كانت علاقات الفلسطينيين فيما بينهم، ووقت السلم والحرب وكيفما كانت الإدارة الأمريكية راعية “الكيان الإسرائيلي” وكيفما كان الوضع الدولي والأممي.
وأضاف في حديثه ، أن المغرب قدم الدعم السياسي والمادي والمعنوي لفلسطين قبل حرب غزة من خلال “فتح للمعابر عبر الأردن، أو إدخال الطعام عبر البر أو شجب للتقتيل الصهيوني للفلسطينيين، وتسجيل مواقف سياسية عربية وأممية في إطار المشروعية الدولية والأممية والحقوقية الإنسانية ومواثيق جنيف للقانون المولي والإنساني”.
ولفت إلى “أن السياسة المغربية أعطت مصداقية لدى الجميع، وجعلت كلمته محترمة عند كافة الفلسطينيين ولدى مختلف الحكومات الاسرائيلية، إذ بنى علاقة خاصة بالقضية الفلسطينية على أساس الحق والتاريخ والشرعية والمشروع”.
وتابع: “بشأن زيارة الوفد الفلسطيني للمغرب، قد تكون من أجل توسيع المشاورات أو تبليغ رأي للراعي الأمريكي، أو طلب ضمانات أكيدة من الطرف الإسرائيلي، من خلال وسيط له مصداقية ومسموع الصوت”.
واستطرد: “هناك مستويين الآن للتدافع السياسي بفلسطين والمنطقة… الأول صاخب وظرفي ومرتبط بوقف الحرب والانتصار والهزيمة، أو حفظ ماء وجه الأطراف، وتقلل الخسائر البشرية والمادية، والثاني منهجي هاديء واستشرافي استراتيجي أكثر أهمية في إطار مبدأ الحرب مدخل للمخرج السياسي”.
ويرى أن هذا المبدأ ينهض على أساس الشرعية السياسية، ويبنى مع الأطراف السياسية، بعيدا عن الانفعالات وحسابات الربح والخسارة الضيقة والظرفية، والتي قد لا يكتب لها النجاح الطويل.
وأشار إلى أن علاقة المغرب مع إسرائيل لم تكن على حساب القضية الفلسطينية، موضحًا: “هذا الطرح يظل موقفا مؤدلجا وتضليليا وشعبويا ويداري ضعف ولا مصداقية ولا فاعلية وهامشية أصحابه، خاصة أن علاقة المغرب بفلسطين تاريخية من أيام صلاح الدين الأيوبي الفاتح، إلى حرب الجولان”.
وأشار إلى أن المغرب له مرجعيات لبلورة تصور ومواقف متوازنة لحل الدولتين في حدود 1967، ودولة فلسطينية عاصمتها القدس، والعيش المشترك في توازن وشرعية.
وشدد على أن دعم المغرب للقضية الفلسطينية “ثابت ثبات مواقفه الحضارية كدولة عربية إسلامية، لا يميل مع الرياح شرقية وعربية كانت، وأن موقفه أملته الهوية والخصوصية الراسخة ولا يتلون ولا يتبدل ومنتظم ومستمر من عهد لعهد”.
ويضم الوفد كلا من الدكتور أشرف الأعور، وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية الجديدة، والأستاذ معتصم تيم، أمين سر اللجنة العليا للقدس لدى الرئاسة الفلسطينية، والأستاذ عبد الله صيام، نائب محافظ القدس، والمحامي كمال عبيدات، رئيس الغرفة التجارية والصناعية للقدس، إلى جانب الشيخ الدكتور إسماعيل نواهضة، خطيب المسجد الأقصى المبارك، والمطران منيب يونان، الرئيس السابق للاتحاد العالمي اللوثري.
المصدر : وكالات