تيار بوسهمين يدعو إلى اندلاع انتفاضة عارمة تقتلع كل الأجسام الحالية وتخرج من تحت العباءة الدولية

ليبيا – دعا رئيس المكتب السياسي لتيار “يا بلادي”، والنائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام سابقا عوض عبد الصادق، إلى اندلاع انتفاضة عارمة تقتلع كل الأجسام الحالية وتخرج من تحت العباءة الدولية، وذلك من أجل إنهاء الأزمة الليبية التي لا زالت تراوح مكانها حتى اليوم.

عبد الصادق،وفي مقابلة خاصة مع موقع “عربي21″، أضاف:”أنا أعلم أن مثل هذا الحل سيكون باهظ الثمن، لكن للأسف لا وجود لحل غيره وإلا سنصبح كمَن يحرث البحر، وما يجب أن نعلمه جيدا بأن لكل شيء ثمن”.

وتابع حديثه: “لقد جربنا أغلب الحلول وباءت كلها بالفشل، ولا زالت الأزمة مستمرة، وأي محاولة عن طريق الجامعة العربية أو الاتحاد الأفريقي أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة مصيرها الفشل ما لم يكن الشعب هو الطرف الأقوى باختيار نخب وطنية جديدة وإبعاد كل مَن كان في المشهد منذ انقلاب سبتمبر 1969 حتى وقتنا الحالي”.

وأوضح أن الوصاية الإقليمية والدولية الكاملة على ليبيا قائمة منذ توقيع وثيقة الصخيرات عام 2016، ومَن شارك في هكذا اتفاق دفع، وسيدفع، الثمن، فالمبعوث الأمريكي وأحيانا السفير هو مَن يفصل والأطراف الليبية تتسابق على رضاه.

وتوقع حدوث صدام مسلح في أي لحظة بتغذية من أطراف إقليمية لا تريد أن تتخلى عن دورها في إشعال الحروب والسيطرة على المشهد الليبي، وللأسف هناك من أبناء هذا الوطن يعملون لحسابها، ولا نستبعد انعكاس كل ما يحدث في المحيط الإقليمي على المشهد الليبي، فما يحدث في غزة ولبنان واليمن والسودان، والوضع في مصر وتركيا والجزائر، سيكون له أثر علينا في ليبيا شئنا أم أبينا.

وفيما يأتي نص المقابلة:

س/ما موقفكم من مقترح القائمة بأعمال المبعوث الأممي بالإنابة، ستيفاني خوري، الخاص بتشكيل حكومة جديدة أو دمج حكومتي عبد الحميد الدبيبة وأسامة حماد من أجل تحريك الجمود السياسي؟ وعلى أي قاعدة بنت خوري تلك الخطط أو المقترحات؟

ج/ لعل الجميع يعلم بأن البعثة الأممية لا تطرح مبادرة لحل أزمة ما أو توافق بين أطراف النزاع إلا بالتمهيد المسبق والحديث مع كل الأطراف، سواء أطراف النزاع الليبية والقوى الإقليمية والدولية المتدخلة في الملف الليبي لإحداث توافق، ولعل المقابلات السرية والمُعلنة خلال الفترة الماضية أكبر دليل على وجود هذا التمهيد.

أما القاعدة التي تستند عليها البعثة فلا تختلف عن سابقاتها في جنيف وروما وباريس وأبو ظبي وقبلها الصخيرات؛ فللأسف أصبحت البعثة ومَن ورائها هي الحاكم الفعلي لليبيا.

س/ كيف تنظرون لاستمرار الخلافات القائمة حول القوانين الانتخابية؟

ج/ هناك قناعة راسخة لدى الأطراف الليبية الموجودة بالمشهد السياسي بأن تعطيل مسار الانتخابات من صالحها جميعا، وإن إقصاء أي طرف سيتم من خلال الصفقات الداخلية والخارجية، ولذلك موضوع الانتخابات لا زال بعيدا للأسف، ولن يتم الاتفاق على قاعدة انتخابية في المدى المنظور من وجهة نظري.

س/ هل هناك مخاوف لديكم من حدوث “صفقة سياسية جديدة” لتقاسم السلطة بين الأطراف في شرق ليبيا وغربها؟

ج/للأسف كما أسلفت في الإجابة عن السؤال السابق الصفقة قُطع فيها شوط كبير، ولعل ما حدث في موضوع تغيير المحافظ هو جزء من هذه الصفقة وسبقه منصب رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، وربما يكون الدور القادم على رئاسة ديوان المحاسبة أو مجلسي الدولة والنواب، وهذا ليس تحليلا، ولكن كل مَن يراقب المشهد بتمعن يرى شواهد ذلك.

س/ إلى أي مدى ترون أن الفوضى والانقسام الليبي سينتهي بمجرد تشكيل حكومة موحدة؟ وما سبب التأخر في قضية الانتخابات؟

ج/ الانقسام لن ينتهي ما دامت أطراف النزاع قوية وكل منها متمرس أما بقوة عسكرية أو بدعم اقليمي أو دولي، ولذلك لن ينتهي هذا الانقسام إلا بسيطرة أحد الأطراف على السلطة وبشكل كامل سواء بمباركة دولية أو بسيطرة عسكرية، أما موضوع الانتخابات فأرى بأنه حلم وقد ضاع وحتى إن تمت انتخابات فستكون شكلية ودول الجوار أكبر مثال.

س/ الاتحاد الأوروبي أعلن قبل أيام انطلاق مساعيه لإعادة توحيد المؤسسات الليبية، ورفع قدرات المؤسسات العسكرية بها.. ما فرص نجاح تلك المساعي؟

ج/إعلان الاتحاد الاوروبي أو الأمم المتحدة لن ينتج عنه إلا تغليب طرف على طرف لتمكينه من السلطة أو مزيد من التشظي والفوضى، ولدينا شواهد كثيرة لنتائج عمل مثل هذه الأطراف سواء في الملف الليبي أو غيره من الدول العربية، لذلك أرى بأن الحلول يجب أن تكون من الداخل الليبي المُنهك، وهذا بعيد المنال في الوقت الحالي للأسف.

س/ كيف تنظرون لمطالب البعض بتغيير القائمة بأعمال المبعوث الأممي بالإنابة، ستيفاني خوري، وتعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا؟

ج/هذه المطالب الهدف منها تغيير الحكومة وواضح من ورائها، إنه الطرف الخاسر في جنيف؛ فكل المبعوثين الأمميين لم نرى منهم حلا نهائيا للأزمة.

س/ ما تقييمكم للدور الذي لعبته البعثات الأممية المختلفة في دعم العملية السياسية في ليبيا؟

ج/ من وجهة نظري، ولعله يتفق معي الكثير من الليبيين، بأنه لا فرق بين أغلب مَن تولى هذا المنصب، خوري وستيفاني وباتيلي وسلامة وكوبلر وليون،فكل هؤلاء واجهات لأطراف دولية ويحاولون الاستفادة من موقعهم بأكبر قدر ممكن، أما حل الأزمة الليبية فهذا أخر ما يفكرون فيه، وما حدث، ويحدث، في ليبيا منذ عام 2015 أكبر دليل على صدق ما أقول.

س/ هناك أنباء متداولة حول مراسلة المجلس الرئاسي لمفوضية الانتخابات من أجل العمل على ملء الشغور الحاصل في مجلس النواب.. ما موقفكم من هذا التحرك فيه؟

ج/تصفية حسابات سياسية ومناكفة ومحاولة لهز عرش عقيلة صالح المهزوز أصلا،وهذا صراع نفوذ بين هذه الأطراف، وسيدفع الطرفين ثمن ما يقومون به لأن المصلحة ستصب إما عند مَن يسيطر على الشرق أو الغرب، والأسابيع القادمة ربما نرى فيها مستجدات.

س/ كيف تابعتم الاجتماع الذي نظمته وزارة الخزانة الأمريكية في تونس بخصوص مستقبل المصرف المركزي الليبي الجديد؟ وهل يمكن أن يتحول إلى “وصاية دولية” على المصرف والميزانية في ليبيا؟

ج/ الوصاية قائمة منذ توقيع وثيقة الصخيرات، ومَن شارك في هكذا اتفاق دفع، وسيدفع الثمن، ولكن للأسف منذ سنة 2016 والبلد أصبح تحت الوصاية الكاملة؛ فالمبعوث الأمريكي وأحيانا السفير هو مَن يفصل والأطراف الليبية تتسابق على رضاه، لذا فموضوع اجتماع تونس تحصيل حاصل.

س/ ما هو موقفكم من التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، سواء من قِبل الدول الإقليمية أو القوى الكبرى؟ وكيف يمكن لليبيين استعادة سيادتهم الكاملة؟

ج/ حسب ما أرى لا حل إلا بانتفاضة عارمة جديدة تقتلع كل الأجسام الحالية وتخرج من تحت العباءة الدولية، وأنا أعلم بأن مثل هذا الحل سيكون باهظ الثمن، لكن للأسف لا وجود لحل غيره وإلا سنصبح كمَن يحرث البحر.

س/ هناك أنباء حول محاولة إيطالية لإعادة ترتيب مشروع توطين المهاجرين غير الشرعيين جنوب ليبيا تحت غطاء تعزيز ريادة الأعمال لدى المزارعين”.. ما أبعاد ذلك الأمر؟

ج/ هذه محاولات ليست جديدة فحتى قبل ثورة فيراير كانت هناك أفكار شبيهة، ولكن بمسميات أخرى،فما قام به القذافي بتوجهه نحو أفريقيا كان يصب في نفس الاتجاه وقبلها بتوجهه نحو مصر، وهناك أطراف أخرى لا زالت تسعى لترضية دول إقليمية وتقوية نفسها كما تعتقد باستغلال هذا الملف.

لكن حسب ما أرى بأن هذا المشروع دائما ما يواجه عراقيل سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، وتكون نتائجه في غير صالح مَن يسعى فيه.

س/ كيف ترى دور العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في تحقيق الاستقرار في ليبيا؟

ج/ لن تكون هناك مصالحة حقيقية قبل قيام الدولة ومؤسساتها بشكل قوي، أما الهدف من إثارة هذا الملف من وقت لأخر ليس من أجل المصالحة أو تحقيق العدالة الانتقالية، بل على العكس مزيدا من التشظي والاقتتال والاصطفاف؛ لأننا في مرحلة صراع سياسي، وعليه لا حل إلا بوضع السكة أولا ثم نضع عليها العربة.

س/ من وجهة نظركم، كيف يمكن كسر الجمود السياسي وبناء توافق وطني ليبي لإنهاء الأزمة الراهنة؟

ج/ لقد جربنا أغلب الحلول وباءت كلها بالفشل، ولا زالت الأزمة مستمرة، لذا كما أشرت آنفا أي محاولة عن طريق هذه المنظمات (الجامعة العربية، الاتحاد الأفريقي، الاتحاد الاوروبي، الأمم المتحدة) مصيرها الفشل ما لم يكن الشعب هو الطرف الأقوى باختيار نخب وطنية جديدة وإبعاد كل مَن كان في المشهد منذ انقلاب سبتمبر 1969 حتى وقتنا الحالي.

س/ أخيرا، ما مآلات الأزمة الليبية على أرض الواقع؟

ج/ صدام مسلح متوقع في أي لحظة بتغذية من أطراف إقليمية لا تريد أن تتخلى عن دورها في إشعال الحروب والسيطرة على المشهد، وللأسف هناك من أبناء هذا الوطن يعملون لحسابها سواء يعلمون أو لا يعلمون، ومع هذا لا نستبعد بأن كل ما يحدث في المحيط الإقليمي يلقي بظلاله على المشهد الليبي؛ فما يحدث في غزة، وما يحدث في لبنان واليمن والسودان والوضع في مصر وتركيا والجزائر، سيكون له أثر علينا في ليبيا شئنا أم أبينا، نأمل بأن نرى الاستقرار والأمن والحرية في بلداننا، لكن ما يجب أن نعلمه جيدا بأن لكل شيء ثمن.

Shares