وسط احتفالية كبيرة تقاسم خلالها الجمهور خشبة المسرح مع الراقصين انطلق مساء الأربعاء مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر في العاصمة اللبنانية.
و تفاعل الحضور الغفير مع عرض (بيتنا) لمصمم الرقص ومؤسس المهرجان الراقص اللبناني عمر راجح الذي فاجأ الجمهور بهذا العمل الذي ضم الموسيقى الحية والرقص وتبادل الأحاديث والطهي والأكل في الوقت نفسه على خشبة المسرح.
و جاء في النشرة التي تم توزيعها في (مسرح المدينة) الذائع الصيت في شارع الحمراء التاريخي “يجتمع أربعة مصممي رقص وأربعة موسيقيين من قارات وثقافات وبلدان مختلفة على المسرح حول مأدبة غداء. لكل منهم خبرات فنية مميزة وأفكارا مختلفة. هم يتحدثون ويشربون ويضحكون ويرقصون ويعدون الطعام سويا. هذا العرض هو لقاء أو دعوة لتأكيد الاختلاف.”
و بالإضافة إلى تصميمه رقصاته أطل راجح على خشبة المسرح كراقص ورافقه الراقص ومصمم الرقص الأفريقي أناني سانوفي الذي يعرف بقدرته على جمع مختلف التقاليد في أسلوب ديناميكي خاص.
و شارك أيضا الفنان الياباني متعدد الموهبة هيرواكي أوميدا الذي يتميز ببساطة أعماله وقدرتها على الغوص في أعماق الإنسان وحنايا روحه والراقص ومصمم الرقص البلجيكي كون أوجوستينن الذي اشتهر كراقص للباليه لسنوات طويلة قبل أن ينتقل إلى تصميم الرقص.
و أضطلعت أيضا مي بو فرحات والدة راجح بدور محوري في العرض حيث أمضت الوقت في تحضير الطعام مباشرة على خشبة المسرح وركزت على مأكولات لبنانية شملت (الفتوش) و(المناقيش المحشوة بالزعتر) و(المكسرات).
و عزفت فرقة العود الفلسطينية (الثلاثي جبران) موسيقاها التراثية مباشرة على خشبة المسرح وتتألف الفرقة من الأخوة سمير (43 عاما) ووسام (33 عاما) وعدنان (31 عاما).
و لد الأخوة في مدينة الناصرة ليتخذوا لاحقا العاصمة الفرنسية باريس مكانا لإقامتهم ومنها ينتقلون ويجوبون العالم. وشارك الفرقة أيضا عازف الإيقاع الفلسطيني يوسف حبيش.
و في كلمة الترحيب قالت المديرة الفنية للمهرجان الراقصة اللبنانية ميا حبيس “بيروت ترقص! منذ 12 عاما بدأت بيروت ترقص ولن تتوقف هذه المدينة عن الرقص أبدا.”
و أستوحى راجح فكرة العرض من الجمعة العائلية التي تضم جميع أفراد العائلة فيتقاسمون الطعام والشراب ويتبادلون الأحاديث الجانبية.
و جسد كل راقص جذوره وتقاليد بلده بأسلوب معاصر يرتكز على تمايل الجسد على إيقاع الموسيقى الشرقية وساعدوا أيضا والدة راجح في تحضير الطعام بكميات كبيرة جدا وتبادلوا الأحاديث بعفوية مطلقة.
و في نهاية العرض وقف الجمهور مصفقا لدقائق طويلة وسرعان ما انضم إلى الفنانين على خشبة المسرح ليتقاسم معهم الأكل والشرب وليتبادلوا الأحاديث كما هي العادة في اللقاءات العائلية في عطلة نهاية الأسبوع.
و فوجئ الجميع عندما أكمل الراقصين العرض لدقائق معدودة فيما كان الجمهور يأكل على الخشبة وتحول المسرح شارعا افتراضيا يعكس الحياة اليومية بكل تناقضاتها.
و كان راجح قد أسس مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر عام 2004 رغبة منه في تعزيز دور الرقص المعاصر في لبنان ولينفتح في الوقت ذاته على البلدان الغربية والعربية المجاورة.
يستمر المهرجان في مختلف أماكن الأنشطة الثقافية في العاصمة اللبنانية بيروت حتى 30 ابريل الجاري.