الشرق الأوسط اللندنية تكشف كواليس صفقة قالت أنها عرضت على حفتر من السراج

ليبيا – نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية صباح اليوم الاثنين عن مصادرها تأكيداً بأن المشير خليفة حفتر رفض مؤخراً عرضاً سرياً من فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني يقضي باقتسام السلطة مناصفة بين الطرفين، في محاولة لإنهاء الأزمة السياسية والعسكرية التي تشهدها البلاد، منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.

وقال مسؤول ليبي رفيع المستوى، إن حفتر تلقى رسالة في هذا الخصوص من السراج، لدى اجتماعه قبل نحو أسبوعين بمقره في منطقة الرجمة خارج مدينة بنغازي شرق ليبيا، مع مبعوث شخصي من السراج بوساطة من دولتين عربيتين على الأقل ، وفقاً للشرق الاوسط .

وأوضح المسؤول – الذي طلب عدم تعريفه للصحيفة لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام – أن مبعوث السراج نقل إلى حفتر رسالة تتضمن عرضاً يتضمن إنشاء مجلس رئاسي جديد لحكومة الوفاق الوطني التي تدعمها بعثة الأمم المتحدة، وإعادة تشكيل حكومة جديدة، قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تخطط البعثة الأممية لإجرائها قبل حلول نهاية سبتمبر المقبل .

مؤكداً أن العرض يتضمن أيضاً بقاء حفتر على رأس المؤسسة العسكرية الليبية، مع دمج وزارة الدفاع في حكومة السراج تحت قيادته العامة للجيش الوطني الليبي، بالإضافة إلى منح حفتر حصة في الحقائب الوزارية، وتعيين كبار المسؤولين، بما في ذلك سفراء ليبيا في الخارج.

لكن المسؤول أكد أن المشير حفتر رفض ما وصفه بالصفقة السياسية مع السراج، وأبلغ مبعوثه بأنه لا يعترف بشرعية وجوده من الأساس، على اعتبار أن الولاية القانونية للمجلس الرئاسي للسراج وحكومته انتهت في ديسمبر الماضي.

في غضون ذلك، نقلت الصحيفة عن مصادر ليبية إن هناك نقلة نوعية في التنسيق غير المعلن بين حفتر وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن مكافحة الإرهاب على الأراضي الليبية مضيفة بأن مسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية وقادة في قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا، والمعروفة باسم «أفريكوم» أجروا الأسبوع الماضي محادثات سرية مع حفتر .

وقال مسؤول ليبي إن حفتر اجتمع مع أحد نواب قائد قوات «أفريكوم» بحضور ستيفاني ويليامز، القائمة بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا، كما التقى لاحقاً مع وفد ضم مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية الأميركية.

وبدا أمس أن ثمة تنسيقاً غير معلن بين حفتر و«أفريكوم» حيال الوضع في جنوب ليبيا؛ حيث لم ينتقد الجيش الوطني الليبي الغارات الجوية التي شنتها طائرات أميركية أول من أمس ضد منزل كان يجتمع فيه قادة إرهابيون، بالتزامن مع قصف شنته طائرات ليبية ضد مواقع للجماعات التشادية في منطقة الجنوب .

وقالت المتحدثة باسم «أفريكوم» لـ«الشرق الأوسط»، إن الغرض من الغارة التي شنها الجيش الأميركي هو حرمان الإرهابيين من حرية التصرف، وتقليل قدرتهم على إعادة التعزيز والتمركز؛ لكنها امتنعت عن الإفصاح عن هوية المستهدفين، حيث اكتفت بالقول: «ما زلنا نقيم نتائج هذه الغارات».

وأعلنت «أفريكوم» في بيان رسمي مساء أول من أمس، أنها نفذت بالتنسيق مع حكومة السراج المعترف بها دولياً في طرابلس، ضربة جوية بجنوب غربي البلاد، وقتلت «إرهابيين» في إطار الجهود الرامية إلى حرمان المسلحين من الحصول على ملاذ آمن في صحراء البلاد الشاسعة.

ويعد هذا الإعلان المرة الأولى التي تقر فيها الولايات المتحدة بتنفيذ هجوم بعيداً إلى الجنوب باتجاه أوباري، التي تبعد نحو 700 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس، على الطريق الواصلة إلى الحدود الليبية مع الجزائر.

وأكد محمد السلاك، المتحدث باسم حكومة السراج، صحة هذه المعلومات، وتحدث عن تنسيق ليبي – أميركي لاستهداف قيادات إرهابية في أوباري جنوب البلاد، لافتاً إلى أن العملية تأتي في إطار التعاون الاستراتيجي بين طرابلس وواشنطن في مكافحة الإرهاب.

وقال على «تويتر»، إن الغارة الأميركية استهدفت قيادات إرهابية أثناء اجتماعهم بأحد المنازل بمنطقة أوباري، على بعد نحو ألف كيلومتر جنوب طرابلس، ما أسفر عن مقتل اثنين منهم، موضحاً أن الغارة تمت بعد «تنسيق مشترك» بين حكومة السراج والولايات المتحدة.

مصادر أمنية تحدثت عن انتماء الإرهابيين إلى تنظيم «القاعدة» الذي يشن هجمات ضد القوات الفرنسية الموجودة في مالي، وقال شاهد عيان في أوباري، إن دوي انفجار هائل سُمع، وتم العثور على جثتين هناك.

وتشهد مدن الجنوب الليبي تحركاً واسعاً لفلول الجماعات الإرهابية لتنظيم داعش الفارة من سرت، إضافة إلى وجود كبير لعناصر تنظيم القاعدة في المغرب العربي، نظراً للطبيعة الصحراوية، وسهولة التنقل بين الجبال والأودية المتاخمة للحدود الليبية مع تشاد والنيجر والسودان.

وتشن الولايات المتحدة بانتظام غارات على تنظيم داعش الذي ينشط مقاتلوه في وسط وجنوب ليبيا، رغم طردهم من معقلهم، مدينة سرت الساحلية في شمال البلاد، في 2016، كما يشن الطيران الأميركي بين فترة وأخرى غارات جوية تستهدف فلول الإرهابيين وسط ليبيا أيضاً.

من جهة أخرى، قال الجيش إنه قصف استيقافاً لما أسماه العصابات الإجرامية في منطقة تمسه، وتمركزات تابعة للمعارضة التشادية في غابة النخيل شرق منطقة تربو في الجنوب الليبي، موضحاً أن هذه الغارة تأتي في إطار مهمة تأمين الجنوب وفرض القانون.

إلى ذلك، وفيما بدا أنه بمثابة مؤشر على فتور في العلاقات بين حفتر والمستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أعاد صالح باعتباره القائد الأعلى للجيش الوطني، سحب صلاحيات للجيش بشأن تبعية هيئة السيطرة لقيادته العامة.

وبموجب قرار أصدره صالح الذي ناقش أمس مع غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية آخر مستجدات الأزمة الليبية، وآخر التطورات حول تعديل الاتفاق السياسي، تقرر إعادة تنظيم هيئة السيطرة، وترجيع اختصاصات كل الجهات التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة: الداخلي، والمنافذ، والأمن المركزي «الدعم»، وهي الصلاحيات التي كانت في السابق ممنوحة لحفتر.

المصدر : صحيفة الشرق الاوسط اللندنية

المرصد – متابعات

Shares