ليبيا – خسر تيار الاسلام السياسي وللمرة الألف رهانه على الشارع الليبي الذي بدا ورغم صمته عن مايعانيه يومياً من أزمات ومشاكل متعاظمة واعياً لكل مايحاك من حوله فى الحياة السياسية وتقلباتها ومساراتها المتعددة .
وبغض النظر عن مدى صحة الإتهامات التي وجهها النشطاء والمدونون وبعض أعضاء الحركات المدنية لحراكي ( 30 مارس والاستفتاء أولا ) بتلقي الدعم من جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب العدالة والبناء والمرتبطين بهم او من حكومة الوفاق ، إلا أن فشل تظاهرة الجمعة المطالبة بدعم الاستفتاء على الدستور لا يعد إلا دليلاً إضافياً على مدى وعي ورفض الشارع لتيار الاسلام السياسي بمختلف صنوفه ولكل شأن يتصدره او يصدر عنه مهما كان جيداً أو على النقيض من ذلك ، ولعل تفسير هذا الأمر والاجابة عنه متروك للمعنيين أنفسهم .
يقول مراقبون بأن جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي تعلم علم اليقين بأن الدستور حتى و أن تم الاستفتاء عليه فأنه لن يتحصل على ثقة الشعب لما فيه من عيوب ، لتكون الجماعة ربحت بذلك على الاقل سنة إضافية على صعيد تعطيل الانتخابات مابين عملية الاستفتاء والاعداد لها ، وسنة أخرى وربما أكثر للانتهاء من إعداد دستور جديد ، وبذلك فأن التمسك باستفتاء على دستور جدلي لا يعني الا نتيجة واحدة وهي تعطيل الانتخابات الى سنة 2020 على الاقل .
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/2073123696256228
يضيف هؤلاء بأن هذا السبب هو ذاته الذي يدفع المجلس الرئاسي ومناصريه والمقربين منه وعلى رأسهم مستشار رئيسه الطاهر السني للتمسك بمسألة الاستفتاء على الدستور أولاً قبل أي إنتخابات لأن هذه العملية بكل إحتمالاتها ستبقيهم على سدة الحكم سنتين إضافيتين على أقل تقدير وهو بالمناسبة أيضاً مادفع السني للقاء مسؤولين فرنسيين اليوم الجمعة بالتزامن مع موعد المظاهرة وهو أيضاً مايدفع أطراف أخرى فى مجلس النواب لسلك ذات الاتجاه ، إلا أن رياح الشعب جائت بما لايشتهي كل هؤلاء ! .
إذاً ، لم تسفر مقالات شبكة الرائد الاعلامية فى الحشد للمظاهرة ولا تغطيات النبأ التي استمرت لأربعة أيام متواصلة خلال الاسبوع الماضي ولا وسم #الاستفتاء_اولا الذي ملأ به عضو الجماعة عبدالرزاق العرادي صفحته بفيسبوك على مدى أسابيع ولا تأييد المفتي الصادق الغرياني ولا دعاية الجزيرة القطرية وأشقائها وشقيقاتها ولا حتى الاستعانة بفرقة أبناء العجيلي للفنون الشعبية وماتقدمه من فن ممتع ومحبوب وجداب ، الا عن خروج مالا يزيد عن مابين 150 – 200 شخص على أقصى تقدير فى مدينة يقطنها 2 مليون نسمة فيما لم تخرج أي مظاهرة فى أي مدينة أخرى رغم دعوات الحراك بالخصوص .
تظهر الصور التي نشرها حراك الاستفتاء اولاً الذي أعلن فشل تظاهرته ضمنيا عبر عدم إعلانه عن أي نتائج قد تحققت عنه اضافة لتوقف الضخ الاعلامي الداعم له ، وجود أشخاص يتم توزيع القبعات البيضاء عليهم فى الميدان وشاحنات توزع لوحات التظاهر بينما قامت طائرة قيل بأنها تابعة لشركة مملوكة للدولة بنقل مجموعة من الجنوب للمشاركة ومجموعات أخرى من الجبل رفعت الراية الامازيغية لاضفاء طابع داعم للاستفتاء من مختلف مكونات المجتمع .
يضاف لكل ذلك شبكة انترنت مجانية فى مكان التظاهر ، الا أن كل هذا لم يسفر الا عن خروج بضع أشخاص تجمهروا لساعتين فى أقصى يسار الجهة الغربية من الميدان ، وبمقاربة أجرتها المرصد بين كيفية تجمهر الناس بحسب ماظهر فى الصور ومساحة الميدان فأن مانسبته 5% منه لم تتمتلئ بالمتظاهرين !
تداعيات
إن التعويل على الشارع فى الحشد للاستفتاء على مشروع الدستور لم يكن غاية الاسلاميين لوحدهم بل غاية لأعضاء فى الهيئة التأسيسية المنقسمة على نفسها أيضاً ، الامر الذي يجب أن يدفعهم بعد خيبة الأمل هذه الى البحث عن بدائل ، إما بتعديل مشروعهم ومعالجة شواغله محلياً والملاحظات الـ 13 المقدمة من الخبراء ، دولياً ، حول عدم مراعاته المعايير الدولية للدساتير الحديثة ، أو إعلان سحبه والتوقف عن حشد الدعم له حفاظاً على ماتبقى من وحدة للبلاد تتربص بها أطراف خارجية معلومة وعدم خلق أزمات جديدة . ( أما مرتبات أعضاء الهيئة ونفقاتها لـ 4 سنوات خلت فهي حلال عليهم ) يقول معلق غاضب فى صفحة الهيئة التأسيسية نفسها على فيسبوك .
https://www.facebook.com/ObservatoryLY/posts/2075739989327932
حلول وبدائل
وبحسب معارضين لمسودة الدستور وبعض النخب السياسية المستقلة التي تتحدث عن ضرورة عدم خلق أزمة جديدة فى البلاد ، فأنه يتعين على البعثة الاممية الوفاء بوعودها حول ضرورة إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري وعدم حصر نفسها فى موقعة الدستور كونها أصبحت معضلة ومعركة سياسية تنفخ فى نارها أطراف معينة ترغب فى إطالة وجودها والحفاظ على مكاسبها عبر تفاقم الازمة ، وأن تذهب البعثة فى الدفع تجاه خيار الانتخابات وانهاء الانقسام السياسي الذي لم يفلح اتفاق الصخيرات فى الحد منه على الاقل بل ان تذهب فى اتجاه خيار تعديل الاتفاق السياسي الذي بات شبه مستحيلاً ، مستندةً فى ذلك على ثلاث خيارات :
قرار مجلس النواب بأن الانتخابات يجب ان تكون مباشرة من الشعب ، وعلى الاعلان الدستوري المؤقت و مقترح لجنة فبراير 2014 التي اشرفت على اعداد التعديل الدستوري كما أن مجلس النواب مطالب بقرار جريئ يعلن فيه عن موعد الانتخابات واصدار قانونها اما منفرداً او بالتنسيق مع مجلس الدولة واستعداده لتسليم السلطة واعلان نفسه كجسم تسييري او منتهي الولاية الى حين موعد الانتخابات .
المغامرات غير المحسوبة والإقتيات على الأزمات
أما فيما يتعلق بتيار الاسلام السياسي وأجنحته المختلفة وحلفائه يبدوا بأنه يتوجب عليه البحث عن خطة بديلة لخطة إطالة أمد بقائه فى الخارطة السياسية الحالية عبر خلق أزمة الاستفتاء على الدستو والتي قد تودي بالبلاد الى مالا يحمد عقباه لينفخ فى روحه قبل الانتخابات القادمة التي تشير تحركاته الاستباقية لها الى محاولة تعطيلها اطول فترة ممكنة لعلمه المسبق ربما بهزيمة نكراء له تلوح فى الافق أسوة بهزيمته فى إنتخابات مجلس النواب التي أعقبتها عملية فجر ليبيا لحصد مكاسب سياسسة وعسكرية عبر صناديق الذخيرة لتعويض خسارته عبر صناديق الانتخابات .
مقال رأي
المرصد – خاص