اسطنبول – في ظل وسط المزيد من المخاوف بشأن تراجع الاقتصاد التركي الذي انعكس سلباً على سعر الليرة ومعدل التضخم، فاجئ الرئيس رجب طيب أردوغان الأوساط السياسية بإعلانه عن إجراء انتخابات مبكرة رئاسية وتشريعية في 24 يونيو المقبل، أي قبل عام ونصف من موعدها المقرر.
وجاءت هذه الخطوة بعدما دأب المسؤولون الأتراك مراراً، ومن بينهم أردوغان، خلال الأسابيع الماضية، على نفي “الشائعات” عن تنظيم انتخابات مبكرة.
لكن حسب خبراء سياسيين أتراك، يرون أن التبكير بإجراء الانتخابات ليس إلا “حيلة” من الرئيس من أجل المحافظة على منصبه، قبل تراجع أكثر لشعبيته مع تدهور سعر الليرة واستنزاف الأموال بعمليات عسكرية تتسع في سوريا، وسط أجواء من القمع السياسي على خلفية قضايا الأكراد ومزاعم الارتباط بالانقلاب العسكري الفاشل العام قبل الماضي.
ويرى محللون أن الأوضاع الاقتصادية في تركيا تدفع الحكومة إلى الموافقة على إجراء انتخابات مبكرة لاستباق أي تدهور اقتصادي كبير.
ورغم أن الاقتصاد التركي سجل نموا بلغ 7.4 بالمئة في 2017، فإن تسجيل التضخم نسبة تفوق 10 بالمئة، وازدياد عجز الحساب الجاري والحاجة لإعادة هيكلة ديون شركات كبرى قد تشكل مؤشرا لمشاكل اقتصادية في المستقبل.
على جانب آخر، يشعر حزب العدالة والتنمية الحاكم أن بساط الشعبية ينسحب من تحت قدميه، لا سيما من خُمس سكان البلد تقريبا وهم الأكراد، الذين أصبح مجرد التعاطف معهم يرقى إلى مستوى الجريمة واجبة العقاب.
ومن جهتهم يعتقد الباحث السياسي التركي إسلام أوزكان، أن أردوغان (64 عاماً) يسعى بخطوة الانتخابات المبكرة إلى “مباغتة الأحزاب الأخرى”، فالوقت المتبقي لإجراء الانتخابات أقل من 70 يوما، وهذا غير كاف لأي حزب لتجهيز مرشح يستطيع منافسة الرئيس الحالي، رئيس الوزراء السابق.
وفي مقابلة مع “سكاي نيوز عربية” من إسطنبول، تساءل أوزكان: “هل تستطيع هذه الأحزاب تجهيز أنفسها؟ ليس لديها سلطات ولا قدرة مالية بعكس حزب العدالة التنمية”.
ورأى أوزكان أن أردوغان وحليفه الأساسي (زعيم الحزب القومي دولت بهجلي) قررا أن تقديم الانتخابات سوف يكون لصالحهما.
وتوقع الباحث أن أي منافسة لأردوغان، الذي يتربع على عرش السلطة في تركيا منذ 15 عاما رئيسا للحكومة ثم رئيسا للبلاد، بانتخابات الرئاسة ستكون في جولة الإعادة إن تم اللجوء إليها، وقتها “ستكون هناك تحالفات خلف المرشح” المنافس.
وحسب رأي أوزكان، فإن الرئيس السابق عبد الله غول، حليف أردوغان سابقا قبل أن تدب بينهما خلافات سياسية، قد يكون منافسا قويا للرئيس الحالي في الانتخابات.
وقال: “غول له تجربة سياسية كبيرة ويتعاطف معه الرأي العام، ويعارض بعض سياسات أردوغان ووقعت بينهما خلافات كبيرة. أردوغان ربما سيحاول عرقلة ترشيح عبد الله غول لكن لا أتوقع أنه سينجح في ذلك”.
ويبدو أن أردوغان يريد أيضا أن يسبق الزمن، ويهرول إلى سلطات أكثر شمولا ستمنح له في حال فوزه بالانتخابات المقبلة بموجب تعديل دستوري تمت الموافقة عليه في استفتاء أبريل 2017.
ويتيح هذا التعديل الدستوري لأردوغان الترشح لولايتين رئاسيتين أخريين كل منهما من 5 سنوات.
المصدر سكاي نيوز عربية.