ليبيا – أنتجت شبكة HBO التلفزيونية الأميركية تقريرا إستقصائيا حصريا لشركة Vice Media بشأن الأوضاع في ليبيا بعد سقوط النظام السابق عام 2011 عبر مراسلتها “إيزوبيل يونغ” التي توجهت إلى البلد الذي وصفته المشتعل بالحرب لرؤية الكيفية التي إنهارت بها ” الثورة ” .
صحيفة المرصد تابعت وترجمت مقدمة مكتوبة أعدتها المراسلة وبعض الصور التي قامت “يونغ” بمشاركتها من تقريرها مع التوضيحات لها حيث جاء في هذه المقدمة :
“ليبيا في حالة من الفوضى.. فالحكومات الموازية تتنافس للحصول على السلطة في ظل تفشي تهريب البشر وتنامي السوق السوداء التي شملت كل شيء إبتداء من النفط إلى العملة الصعبة في وقت يدعم فيه المجتمع الدولي حكومة الوفاق التي تحكم سيطرتها على العاصمة بقبضة ضعيفة”.
ومضت “يونغ” قائلة في مقدمتها :”ولكن بقاء الحكومة يعتمد على ميليشيات الحرب التي يتواجد الكثير من عناصرها في قوات الشرطة المتورطة أصلاً في عمليات التهريب فيما يلقي العديد من الليبيين باللائمة على القوى الغربية لإطاحتها بمعمر القذافي في العام 2011 من دون إدراك كامل بالبدائل ولقد أخبرنا العديد من الرجال بأن الثورة لو حدثت الآن وعاد بهم الزمن إلى الوراء فإنهم سيقاتلون مع القذافي عوضاً عن القتال ضده رغم انه ديكتاتور”.
وأدناه تنشر لكم صحيفة المرصد الصور مع النصوص التوضيحية الواردة معها بعد أن قامت الصحيفة بترجمة هذه النصوص التي تدور حول أحداث وقعت نهاية العام الماضي فى طرابلس وصبراتة :
في اليوم الذي وصلنا فيه إلى طرابلس وجدنا وقفة إحتجاجية في ميدان الشهداء ولقد ظهر الآلاف وحملوا إلينا قائمة طويلة من مظالمهم مع سلطات بلادهم وأخبرونا كيف إنحدرت ليبيا إلى الفوضى الكاملة منذ العام 2011 في ظل وجود 3 حكومات والآلاف من الميليشيات القبلية المتنافسة على السلطة ولقد كانت حكومة الوفاق المدعومة دولياً في حالة تأهب قصوى وفضت في النهاية الحشود عن طريق إغراق الميدان بالمركبات وأفراد الأمن.
داخل ما أفترضه ألطف مركز إعتقال في طرابلس وهو الوحيد الذي تم السماح لنا بتصويره وبان بشكل واضح إكتظاظه وإزدحامه ولكنه ليس بالسوء الذي تخيلته وتحدثنا بشكل ودي مع العديد من المهاجرين بضمنهم خالد كالي المحكي وهو من المغرب وأخبرنا بأنه كان يحاول الوصول إلى زوجته وطفله الذي لم يولد بعد في فرنسا عندما ألقي القبض عليه من قبل خفر السواحل الليبيين وتم إحضاره بعدها إلى هنا.
في صبراتة وهي مركز من مراكز التهريب رافقنا مجموعة من الميليشيات أثناء قتالها من أجل السيطرة على طرق التهريب لقد كانت حرباً بإسلوب أفلام ماكس المجنون الحربية فالعربات التكتيكية الكبيرة تتسابق عبر الآثار الرومانية ورجال عراة يطلقون القذائف الصاروخية من الخطوط الأمامية المؤقتة.
أجريت مقابلة مع زعيم الميليشيا عبد الرحمن ميلاد وخلال الرحلة الجميلة معه روى لنا بأنه تم إطلاق النار عليه وهو المعروف أيضا بإسم “بيجا” 9 مرات خلال الثورة وأخبرنا أنه قضى عامين في غيبوبة وكأنما عاد من عالم الموتى ورأيناه يقاتل بضراوة من أجل السلطة في صبراتة ومن ثم أخذنا إلى مزرعته الخاصة حيث طبخت لنا والدته لحم الإبل وبعد نشر قصتنا الأولية عنه تم إصدار أمر اعتقال بحقه.
هذا الشاب ذو الـ19 عاماً كان يقود شاحنة ورغم عيناه الخارقتين لكنه كان خجولاً جداً وهو يتحدث أمام الكاميرا وتحدث بعبارات غامضة عن القتال من أجل ثورة سُرقت منهم وعن جميع أصدقائه وإخوانه الذين إشتركوا في المعركة وعن تركه المدرسة مبكراً وعن عدم قدرته على تخيل حياته من دون حرب.
كان الأمر سريالياً في هذه المدينة الشاطئية الجميلة مع قوارب الصيد التي تندفع على مدى المياه الفيروزية القريبة منا لقد كان الأمر أشبه ببطاقة بريدية مبتذلة بإستثناء هؤلاء الرجال ممن كانوا يطلقون النار على بعضهم البعض على بعد أمتار قليلة.
المهاجرون الأفارقة في مدينة الزاوية الساحلية من الذين إعتقلتهم قوات خفر السواحل الليبية أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا وهنا كانوا ينتظرون إرسالهم إلى مراكز إحتجاز مختلفة في جميع أنحاء البلاد وشهدنا الميليشيات العاملة كخفر للسواحل وهي تساوم المهاجرين على حيواتهم.
على متن قارب خفر السواحل الليبيين وهم ينقذون المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في البحر في قوارب مطاطية وكان هذا جزء من الصفقة الأوروبية الليبية التي بلغت 235 مليون دولار والتي تدفع للحكومة الليبية لتحويل المهاجرين عن أوروبا والعودة إلى ليبيا وكان هناك نحو 150 شخصاً محشورين في كل قارب والأطفال يصرخون والناس يتنفسون بصعوبة وهناك 2 من النساء والأطفال يعانون من الجفاف وأخبرنا رجل سوري يبلغ من العمر 74 عاماً بأنه مصاب بسرطان الجلد وتمنى أن يموت قبل القيام بهذه الرحلة.
على أمل أن ينقذهم الإيطاليين ويتم أخذهم إلى إيطاليا كان من المفجع أن نرى وجوه المهاجرين هذه تتحول من الإستغاثة إلى الرعب المطلق حيث تم سحبهم من قبل خفر السواحل الليبيين ولقد كانت رحلة طويلة لمدة 5 ساعات إلى الميناء حيث جلسوا في معظمها وهم في حالة صمت يحدقون في البحر ولدى وصولهم إلى طرابلس تركو القارب الذي أرجعهم إلى ليبيا وإصطفوا في طوابير مفصولين حسب الجنس والعمر والجنسية.
كان هنالك قاربان فالأفارقة من غرب القارة السمراء على قارب واحد والسوريين والمغاربة والمصريين على القارب الآخر وقد عرف القليلون منهم كيف يسبحون وكان هناك عاصفة قادمة بعد أن تم إنقاذهم.
ترجمة المرصد | خاص