ليبيا – يواجه الليبي محمد عبدالله تهماً فى بريطانيا تتعلق بتلقي أموال لغرض تنفيذ انشطة ارهابية و الالتحاق بتنظيم ارهابي وهو تنظيم داعش فى سوريا وعدة تهم أخرى وذلك بعد القبض عليه عائداً الى مانشستر من الرقة السورية عبر تونس .
الصحافة البريطانية الصادرة نهاية الاسبوع سلطت الاضواء على موضوع هذا المعتقل الذي انطلقت جلسات محاكمته فى مقاطعة ويلز وذلك بعد اشهر من اعتقال السلطات هناك لشقيقه عبدالرؤوف الذي يعاني من شلل نصفي سفلي نتيجة اصابته سنة 2011 بالمعارك ضد النظام السابق فى ليبيا قبل ان يتورط مع شقيقه محمد فى شبكة مرتبطة بداعش بمانشستر أحد أعضائها طيار منشق عن سلاح الجو الملكي البريطاني فيما تحول محمد احد قناصي التنظيم فى سوريا ويحمل كنية ” أبو البراء الليبي ” .
المرصد تابعت مانشرته الصحافة البريطانية عن قضية محمد و شقيقه بما في ذلك جواز سفره الذي أشار الى أنه من مواليد الجزائر مادفع الصحيفة الى تقفي اثره و أثر عائلته و سبب ولادته بالجزائر سنة 1991 وهي الفترة التي شهدت فيها الجزائر مواجهات غير مسبوقة بين الدولة والجماعات التكفيرية المختلفة .
وتبين للمرصد أن محمد ، هو محمد الناجح فرج سعد عبدالله الرقيعي ، ولد فى 31 يوليو 1991 بالجزائر من والد ليبي انخرط مبكراً فيما يبدو بالانشطة الجهادية وانضم كعضو بالجماعة الليبية المقاتلة ، و والدة جزائرية تدعى سميرة المبروك .
و توصلت صحيفة المرصد الى وثائق أمنية ارشيفية تتعلق بوالد محمد الذي تبين بأنه من مواليد سنة 1964 بتونس و كان يقيم فى طرابلس بمنطقة الهضبة الخضراء و تحديداً بالحي الجامعي وعمل كموظف بشركة التسويق الزراعي ، وعلى غير المستغرب ، فقد إتضح بأنه انضم لجماعة جهادية ليبية سيأتي هذا التقرير على سردها فيما يبدو أنه ورث أفكارها لأبنائه محمد وعبدالرؤوف وقد تطورت معهما حتى انضما لتنظيم داعش حالهم حال العديدين من الذين التحق أبنائهم بهذه التنظيمات والجماعات فى الداخل والخارج.
و أشارت الوثيقة الى أن الناجح والد محمد وعبدالرؤوف كان يكنى بثلاث كنى وهي ” أبواليسر” و “انور صالح ” و ” محمد بن صالح ” وكان يتواجد ببريطانيا حتى تاريخ تحرير هذه الوثيقة سنة 2007 اي قبل 10 سنوات من الآن.
و أفادت بأن المعني معمم عليه بالقبض بموجب كتاب إدارة الامن الداخلي ومكافحة الزندقة كونه وردت عنه معلومات تفيد بانه يتردد علي الباكستان والجزائر بجواز سفر مزور باسم انور صالح محمد بن صالح بعد مغادرته ليبيا سنة 1990 للجزائر و بأنه دخل لافغانستان وتدرب علي السلاح وشارك في الحرب الافغانية .
في أواخر سنة 1993 غادر الناجح الباكستان الي المانيا وتم القبض عليه هناك بعد ان قام بالاعتداء علي احد الضباط وتمكن من الهرب ودخل بريطانيا وطلب حق اللجو السياسي وتم ايداعه بالتوقيف ببريطانيا .
الناجح وبحسب ذات الوثيقة ، قام أثناء تواجده بالجزائر بتزوير التأشيرات الباكستانية بالختم الذي كان بحوزته وقد ورد بأقوال الموقوف جمال محمد الطمزيني بان الناجح أرس له الموقوف عزالدين الزنتاني لمساعدته في الحصول علي تذاكر جوازات سفر وقد أعطاه المطلوب وقام بتوصيله الي تونس.
و بحسب أقوال الموقوف عبدالحكيم العماري ، فقد إعترف الاخير على ان الناجح انضم الي تنظيم سرايا المجاهدين بالجماعة الليبية المقاتلة و أفادت المعلومات بانه كان يزور جوازات سفر الليبية و قد وثفته الوثيقة بأنه ” جرئ جدا ودخل الجماهيرية عدة مرات وينتمي الي جماعة انصار الله ” .
و أشارت الوثيقة الى ان البلدان التي تردد عليها الناجح قبل ان يستقر ببريطانيا هي افغانستان و باكستان و السعودية و الجزائر و مصر و تونس و أفادت آخر المعلومات الموثقة عنه فى سنة 2007 بأنه تحصل علي جواز سفر من السفارة الليبية فى لندن كبدل فاقد و ذلك بتاريخ 10 مارس 2005 .
و فى وثيقة أخرى ، فتبين بأن والد محمد وعبدالرؤوف إنخرط فى مسلك الجهاد منذ سنة 1989 و كانت اولى الاعترافات ضده هي التى أدلى بها لاحقاً الموقوف لدى جهاز مكافحة الزندقة ” هـشام بن فائد ” فى إطار استجوابه حول موضوع المطلوب الخطير حينها “جمال ابراهيم اشتيوي ” الذي تحول لاحقاً الى أحد المسؤولين الشرعيين المقربين من اسامة بن لادن فى افغانستان حتى اصبح من كبار القادة وبات يكنى بـ ” عطية الله ” و ” ابو اسامة ” مادفع بالرقيعي فور تكون العلاقة بينهما مع بقية المجموعة التي تحول بعض عناصرها لاحقا لقادة ارهابيين كبار ، الى الفرار سنة 1990 لكونه اصبح مكشوفاً بالتالي مطلوباً للاجهزة الليبية .
و اعترف ( هشام بن فائد ) بحسب ذات الوثيقة على ان الناجح فرج سعد كان يحتضن اجتماعات بمنزله الواقع بجوار محطة الشجرة بالهضبة الشرقية فى طرابلس بتنسيق مع شخص جهادي آخر يدعى (ع.م) والذي كان متخصصاً فى استخراج جوازات السفر المزورة ومنح التأشيرة الباكستانية عليها تمهيداً الى التوجه لأفغانستان والالتحاق بتنظيم القاعدة حيث تواجد هناك فى ” معسكر الفاروق ” و معسكر ” ابوالشهداء ” مروراً بما يعرف بـ ” بيت الليبيين ” .
و ادلى الموقوف بأن الناجح كان واحداً من ضمن مجموعة مكونة من 18 شخص اصبحوا مطلوبين لاحقاً للأجهزة الامنية فى ما يعرف بالقضية رقم ملف ( 3799 ) التي ستنشر المرصد تفاصيلها ومحطات افرادها لاحقاً ، بشان ممارستهم لنشاط ديني متطرف حتى تمكنوا من الهروب فى رحلة مضنية الي الجزائر ومنها الي مصر وبقو هناك حوالي شهرين ومنها الي الباكستان ومنهم من بقي فيها خمس سنوات ومنهم من دخل الي افغانستان وشارك في الجهاد ضمن شبكة كانت مرتبطة بالليبي ” بشير الفقيه” القيادي بالجماعة الليبية المقاتلة المرتبط بجمال اشتيوي المكنى بـ “عطية الله ” وقد سبق الاخيرين ذات المجموعة الى مصر ثم غادرو جميعاً بما فيهم الناجح للجهاد قبل ان يقتل اشتيوي فى غارة نعاه على اثرها ايمن الظواهري قائد التنظيم حاليا فيما غادر الفقيه الى بريطانيا التي غادرها منذ فترة الى مسقط رأسه فى مصراتة.
وبالعودة الى قضية محمد ، فيبقى السؤال الابرز هو كيفية تحصله على جواز سفر ليبي إلكتروني بايومتري ( الجواز الازرق ) صادر سنة 2015 من جوازات طرابلس ، فى الوقت الذي قالت فيه هيئة المحلفين بالمحكمة الجنائية المركزية في مقاطعة ويلز البريطانية انه بقي فى سوريا مدة اكثر عامين كاملين منذ يوليو 2014 !
صحيفتي ” ذا صن ” و ” التيلغراف ” نقلتا عن مصادر أمنية مقربة من سير عملية التحقيق بأن شبكة محمد وشقيقه عبدالرؤوف و الطيار ” جراي ” بها شخص رابع يعد المطلوب الابرز لبريطانيا وهو البريطاني ” ريموند ماتيمبا ” الذي غادر مانشستر الى الرقة رفقة محمد ، و أشارت الصحيفتين الى أن ” ماتيمبا ” كان علاقة بالانتحاري الليبي سلمان العبيدي الذي فجر نفسه فى قاعة ” أريانا جراندي ” ايضاً بمانشستر يوم 22 مايو الماضي وقتل 23 شخصاً غالبيتهم من الشباب والشابات.
اما السؤال الاخر الابرز و الذي أثير بكثافة خلال الصيف الماضي بعد عملية سلمان الانتحاري و تكشف هوية والده رمضان العبيدي المعتقل حاليا بطرابلس رفقة نجله الاخر هاشم ، لدى سجن قوة الردع الخاصة ، هو كيف لآباء إنخرطوا في هذه التنظيمات فى مراحل سابقة من حياتهم وتبلور أفكار الجهاد لديهم إبان الغزو السوفييتي لأفغانستان ان يسمحوا بشكل او آخر لأبنائهم بالانخراط في هذه الانشطة المحظورة ولاسيما بأنهم اكثر العارفين بخطورتها فيما ترعرع الابناء فى بيئة منفتحة على كافة الحضارات والمجتمعات والاديان كبيئة بريطانيا التي وفرت لذويهم ملاذات آمنة باعتبارهم لاجئين سياسيين فارين من ” النظام الليبي السابق ” ووفرت لهؤلاء الابناء فرصاً جيدة للحياة والتعليم ، ما يقود الى اسألة أخرى قد تحتاج الى ابحاث ودراسات عن مدى تأثرهم بأفكار الاباء و وراثتهم لتجاربهم السابقة فى مراحل عمرية تشبه المراحل العمرية الحالية للأبناء . بل وحتى عن طبيعة التعليم الديني الذي تلقوه و لكن الاخطر هو مدى تأثير غير ” التائبين ” من الرعيل الاول بالجماعة الليبية المقاتلة وتنظيم القاعدة على أبناء الآخرين من الليبيين خاصة وان عدداً منهم عاد لحمل السلاح واعتلى المنابر مجدداً بعد سنة 2011 باستثناء مجموعة غادرت هذا السلك بالمطلق و تراجعت عن ماكانت به ومنها من يقف حالياً بقوة ضد الارهاب ومع بناء الدولة المؤسساتية الحديثة بمؤسساتها المدنية والعسكرية ومجموعة اخرى ابتعدت عن الشأن العام وتعيش حياة هادئة بالداخل و الخارج .
هذا ولا تتوفر لـ المرصد حتى الآن أي معلومات اضافية عن الناجح الرقيعي والد محمد وعبدالرؤوف سوى أنه لازال على قيد الحياة و يقيم بمنطقة موس سايد بمانشستر بعد ان عاد من ليبيا كما لا يعرف ما اذا كان قد عاد الى الحياة الطبيعة او انه لازال منخرطاً مع جماعته السابقة فيما يحاكم إثنين من ابنائه امام القضاء البريطاني . كما لا يعرف ما اذا كان قد شجعهما سنة 2011 على التوجه نحو ليبيا والمشاركة مع ” الثوار ” فى القتال ضد النظام السابق والتعلم على حمل واستخدام السلاح حتى اصبح أحدهما ابرز قناصة داعش ، للإطلاع على ملابسات قضية محمد وشقيقه . إضغط هنا .
المرصد – خاص