مقال رأي – بقلم عيسى عبدالقيوم
أن تؤكد لي بعض المصادر أن لقاء داكار مدعوم من شيوخ الدوحة أو أن تشير مصادر أخرى الى أن عرّاب اللقاء اليهودي الفرنسي جان إيف اوليفيه الصديق الشخصي لبشير صالح قلم العقيد القذافي ، أو أن تلمّح بعض المصادر الى دفع رشاوى لحضور اللقاء وصولاً الى تسريبات تلمح الى أن دول أجنبية تقترح أن تقسم “الكعكة” الليبية وفق مخرجاته ووووو الخ ، ففى الحقيقة كل هذا لا يعنيني بشيء فى هذه المرحلة ولا أتصور أنه يشكل مشكلة لبلد لا توجد لأزمته قائمة أولويات .
فلا داكار أرغَمت ولا قطر أجبرت أحد على الحضور ولا لـ “يهودي” ضرب أحد على يده من أجل المشاركة فكل من حضر قد حضر بإرادته “الحرة” وهو يعلم من سيشغر المقعد الذي يليه ويعلم تاريخ جاره قبل وبعد فبراير !!.
أما تقاسم “الكعكة” خلسة بعيداً عن أعين الشعب “المتطفل” فهو سلوك “عربي” أصيل ولا جديد فيه
وعليه فما يهمني اليوم ، أو فى هذا المقال على الأقل هو تسليط الضوء على شعارات تيار الإسلام السياسي التى إتخذها مطية لحرب تسببت فى مقتل الألاف وجرح ضعفهم ودمار هائل فى البنية التحتية .
فهل حققت حربه المقدسة وتضحيات اتباعه أهدافها؟! ام أنها كانت حرب تحريك وليس تحرير كما زعموا؟!
أجد أنه من حقي كأحد أبناء بنغازي التى أستُهدفت منهم بقسوة وعنف مفرط ومن عائلة فقدت أبناءها فى حربهم الظالمة أن أتساءل :
أولاً : لماذا شارك التيار الإسلام السياسي فى داكار؟!
وسؤالي المباشر الأول هو : لماذا ذهب الإسلاميون من الإخوان والمقاتلة والمستقلين الى داكار وجلسوا مع من كانوا يصفونهم بالأزلام وكانوا قد دفعوا الملايين من خزانة الشعب – دون اذنه – لشراء الساعدي القذافي وعبدالله السنوسي والبغدادي المحمودي ؟!
أستغرب ليس لاني ضد المصالحة بل لانهم قاتلوا أهل برقة والجيش الوطني تحت زعم أنهم “ثورة مضادة وأزلام” فماذا حل بذلك الشعار يا من أقسمتم عليه فوق المنابر؟ وما مصير من غررتم بهم وقتلوا فى تلك الحرب حتى من أبناءكم واصدقاءكم؟!
ألا يدل فعلكم على أنكم استخدمتم شماعة “الأزلام” كذريعة لحرب قذرة ان فعلكم فى داكار يشير الى أن من تصفونهم بالأزلام شركاء فى الوطن ويمكن الحوار معهم بل واقتسام السلطة كذلك ؟ فأين ذهبت الشريعة؟!
وأين ذهبت مبادئ فبراير؟! واين ذهبت دماء الشهداء؟!أجيبوا أمهات من غررتم بأولادهن فقتلوا فى القوارشة وقنفودة ، أما أنا فأمتلك الجواب وبالتفصيل الممل !
ثانيا : هل درنة لتحسين شروط داكار؟!.
وهنا أتساءل كمواطن ليبي اذا كنتم تتنصلون اليوم من شعاراتكم أيام حرب بنغازي وتتنكرون لفتاواكم وتحريضكم على القتال ودعمكم المادي والمعنوي لمن غررتم بهم فى بنغازي حتى أصبح مطلبهم الوحيد اليوم هو العودة الى بيوتهم !! ويؤكد ذلك تنصلكم من قائمة المطالب التى جركم اليها وهمكم وغروركم وأمراضكم الحزبية ونهمكم الى السلطة الذي دفعكم للتحالف مع داعش والارتماء فى احضان دول اجنبية !!
يشير تنصلكم ايضا لتحجيم وتقزيم خطابكم من خطاب وهم “أسلمة ليبيا” الى خطاب النازح الذي يريد العودة الى داره والإندماج فى مجتمعه الذي قاتله تحت شعاراتكم وفتاواكم التى تفرون منها اليوم الى دكار؟!
وعليه فسؤالي المباشر الثاني هو :
اذا كانت هذه هي نهاية أفكاركم ومشاريعكم فى بنغازي فلماذا أراكم تتعمدون التغرير بأهل درنة؟!
أهل درنة اليوم يقيمون فى بيوتهم وبين أهلهم وسط مدينتهم العامرة فلماذا تضعون لهم شروطاً تعجيزية تعلمون أنها غير مقبولة وغير قابلة للتطبيق كتلك التى وضعتموها لمن غررتم بهم فى بنغازي ثم تنصلتم منهم فهم اليوم بين سجين فى مصراتة وطرابلس ومهجّر خارج الوطن !!
أكرر لماذا تورطون الأغرار من درنة فى هذا ” الزقاق اللاطم” وأنتم أصحاب تجربتين الأولى أيام “المراجعات” والثانية بعد هزيمتكم فى بنغازي !! فهل تفعلون ذلك من أجل أن يتحولوا الى “نازحين” تتاجرون بعودتهم وتتكسبون من جمع التبرعات لهم وهو هدف رخيص؟!
أم أن دماء درنة ستكون وقود الضغط فى مفاوضات داكار وما بعد داكار كما فعلتم مع دماء أغرار بنغازي فى الصخيرات.. فبئس التفكير وبئس النصح !
نداء الى شباب درنة :
على أهل درنة ممن تم التغرير بهم أن يعيدوا قراءة شعارات ومشاريع فجر ليبيا التى دمرت المسار السلمي والتى دعمها الإخوان والمقاتلة ودار الإفتاء وأن يقارنوها بمشاركتهم اليوم فى دكار مع خليط يناقض كل مقعد فيه شعار من شعاراتهم ، فداكار هي نهاية مسرحية “كتلة الوفاء” وكل من إنتسب اليها كما ان الفصل الأخير فيها يؤكد بوضوح إنهم يبحثون عن السلطة والمال لا غير .
ويبدو انكم – يا شباب درنة – أخر ورقة لهم فى لعبة “الضغط” من أجل تحسين شروط التفاوض واستقطاع حقائب الحكومة القادمة ولضمان بقائهم ضمن العملية السياسية وعدم عزلهم .
أفيقوا فاذا كانت نهاية “البناغزة” المغرر بهم هي المطالبة بالعودة الى بيوتهم فأنتم الأن لازلتم فى بيوتكم ويمكنكم البحث عن حل سلمي واقعي بعيد عن أوهام أصحاب العقول “العقيمة” وها انتم شاهدتم كيف قبضوا اليوم ثمن “جهاد التسعينات فى درنة” من الحكومة البريطانية !!
إبحثوا عن حل سلمي وسوف تجدون ألف من يدعمكم – من برقة وغيرها – كي تنتهي الأزمة بدون دماء ولا دمار . وقد تذكرون ما أقول لكم.
لصحيفة المرصد الليبية : عيسى عبدالقيوم
13 مايو 2018