بقلم كامل المرعاش : أحمق بدرجة وزير .. عاشور وفّه التبجيل

مقال رأي بقلم د.كامل المرعاش

{ قُم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا } أبيات من الشعر، لم يكن قلم أحمد شوقي امير شعراء العرب في العصر الحديث، ليخطها أو يتغنى بها لولا ما كانت تجسده كلمة معلم من معاني، تحمل في آن واحد مشاعر الابوة والاخوة والصداقة.

كاد المعلم أن يكون رسولا، قالها أحمد شوقي لأنه أدرك حينئذ أن الأستاذ أو المعلم في المدرسة هو خير رسول ووسيط للعلم ومكارم الأخلاق وأن كل معاني المثالية التصقت بهذا المعلم، الذي يحترق كالشمعة طوال حياته المهنية ليضيء حياة آلاف التلاميذ الذين مروا على يديه، ليشع النور بدل الظلام، والعلم بدل الجهل، والحكمة بدل الحماقة.

عاشورنا المبجل هنا ليس سوى معلم وتربوي فاضل، سليل مدينة درنة، حاضرة الأدب والفن والثقافة والعلم في ليبيا، ومرقد اضرحة الصحابة والاولياء، الذين امتدت لهم ايادي شراذم الإرهاب والجهل والظلام، بالتخريب والهدم سعياً الى طمس تاريخ التنوير والايمان الصادق، والإسلام دين الرحمة والتسامح والعدل.

درنة الوادعة، دفعت ضريبة ثقيلة من دماء أهلها عندما اختطفها شذاذ الافاق من الإرهابيين الذين جاءوا لها من كل أصقاع الأرض، لينتهكوا حرمتها، ولكن سواعد جنود ليبيا الابطال ودماء رجال جيشها الاشاوس، أعادتها الى النور بعد الظلمات، ومهدت الطريق من جديد لأطفالها ان يرقصوا ويعبروا عن براءة طفولتهم كما يحبون.

ظلم عاشورنا من خربشات وقاذورات الجهلة والظلاميين على جدران منصات ” الفيس بوك ”  وصوروه لنا بنعوت الماجن والراقص المتهور، وكان هذا ترجمةً لما تحمله عقول هؤلاء العجول التي تحكم على علة الأمور، من واقع القشور والصور.

ارتكب هؤلاء الجهلة، حماقة فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ، فندموا واعتذروا، لكن ما ينفع الندم بعد كسر وعاء زجاج الشمعة، ووقوع الشمعة وانطفائها بدموعها، شمعة عاشورنا لم تحتمل وقع القدح والنميمة والوقاحة والجهل.

لا ذنب لعاشورنا إلا مشاركته فرحة الأطفال اليتامى، وإدخال البهجة عليهم، والتغني والرقص معهم على وطن ينهشه الظلاميون والقتلة واللصوص، ويحاول تمزيقه الحاقدون والحمقى.

لقد إستكثر جيش الظلام والجهل والإرهاب، على أطفالنا الفرح والغناء والرقص، في بلد يعيش كل أيامه على دوامة العنف والدماء، ويرقص على اشلائه ضباع الدم من الرعاع والدهماء واصابوا عاشورنا بسهام الحقد والتخلف حتى أجهش على الملأ بالبكاء من فرط الوجع والحب الذي يملئ قلبه النابض بحب الحياة.

https://www.facebook.com/1707659659469302/posts/2464185760483351?sfns=mo

وجسد بحديثه الصادق الذي خنقته العبرات معنى الوطنية بالدعوة لكل شباب ليبيا شرقاً وغرباً وجنوباً، لحب ليبيا الوطن الواحد والشعب الواحد، التي لا تقبل الا القسمة العادلة لمواردها وثرواتها، والدفاع عن وحدتها وعزتها من الطماعين بداخلها وخارجها.

عاشورنا هذا يمثل أجيالاً من الشموع الصامتة التي مازالت تحترق منذ أكثر من ستين عاماً، لتنير لنا دربنا وخرجت لـ ليبيا، آلاف العلماء والأطر والقيادات، من جامعاتها العريقة، والتي تتربع جامعة قاريونس في أم المدائن بنغازي ايقونة التغيير والتعمير في ليبيا، على عرش التعليم الجامعي منذ استقلال بلادنا، في حقبة خمسينيات القرن الماضي، هذه حقيقة يجهلها الحمقى  واشباه المتعلمين والحاقدين.

وهذا يقودنا الى حال التعليم في بلادنا، الذي يعاني من اسوء أيامه  في ظل حكومة ميليشيات السراج، التي فوضت أمر تربية الأجيال واعدادها لـ “أحمق” بدرجة وزير.

ففي عهده شاهدنا إسهالاً حاداً في مسرحيات استعراضية كربونية عبر شاشات القنوات لمئات القرارات والفرمانات الممهورة بـ ” بالعثمنة والجلجلة” حتى وصل عددها لعدد ربطات عنقه المزركشة، اعتقاداً ووهماً منه أن تغيير واقع التعليم المرير في بلادنا منذ أكثر من اربعين عاماً، يتم عبر بوابة ومشاهد مسرحيات الاستعراض وهوس توقيع القرارات واللوائح العقيمة التي، في واقع الامر لا تساوي حتى ثمن الحبر والورق الذي صرف ببذخ عليها.

قرارات كثيرة، ندعو القارئ ان يتبين، مدى تطبيقها، مثل قرار وزير تعليم السراج رقم 1138 لسنة 2018 بشأن تحديد ضوابط التسكين على الملاك الوظيفي المعتمد للمؤسسات التعليمية.

وقراره رقم (1047) لسنة 2017م بشأن شروط إصدار قرارات الإيفاد للدراسة بالخارج، وقد حدد به عدد الجامعات في العالم التي تصلح للتعليم العالي في فهم ساذج وعبيط على الأقل بدولة فرنسا التي بها أكثر من 92 جامعة عامة، تخرج كفاءات في كل المجالات.

مئات القرارات التي تملأ أرشفة وزارته العتيدة، لم تجد لها سبيلاً للتطبيق، بسبب عشوائيتها وارتجالها وافتقادها لأسس البناء والمنهجية الصحيحة.

وزيرنا أو ” أحمقنا ” هذا ولحساسيته المفرطة من الفساد واقنيته الوسخة أصر في صورة فلكلورية على انشاء مكتب ضمان الشفافية ومكافحة الفساد” لإيهامنا بأنه هرقل محاربة الفساد وواقع الحال يؤكد لنا ان بلادنا تعيش وتتنفس في مزابل الفساد بكل أنواعه واشكاله حتى وصل لتزوير الأرقام الوطنية والهوية الليبية بل ولجوازات السفر البيوميترية وبأن وزارته ليس استثناءاً من سطوة ميليشيات الفساد والاعتمادات.

ثم انظروا لحال طلابنا في الخارج،  تأخير منحهم وعلاجهم ، تعرضهم لأبشع أنواع الابتزاز والاناث منهم بالذات” من صعاليك بدرجة مستشار ثقافي أفرزته حقبة حكم الميليشيات ونفوذ قبائل السلاح والدم والبارود.

فجّر ” أحمقنا هذا جدلاً كبيراً ، عندما أشارت عليه عنجهيته الجهوية وحماقته الأبدية أن يجبر طلاب ما سماه ”  المنطقة الشرقية والجنوبية لإختبار قبول في جامعاته الفتية التي توجد بالصدفة الجغرافية السيئة تحت سطوة ميلشيات عاصمة الليبيين طرابلس . 

قالها وزير التفويضات والأزمات، بكل وقاحة الصراحة أنه سيعتمد تقسيم ليبيا في مربع وزارة التعليم التي حولها لمزرعته الخاصة حتى أن شهادة الدعم المالي الموجهة للسفارات التي يجري ورائها شباب ليبيا، الساعي للهروب من جحيم الاوضاع بات سعرها يصل الى 2500 دينار ليبي، حسب روايات كثير من المُستغفلين الذين صدموا برفض طلباتهم لتأشيره الدراسة، من سفارات الدول التي تعرف تماماً حجم التزوير الممهور بأختام وزارة سعادة الوزير.

كل هذا يثبت لنا أن الفساد يعشش في كل طوابق وزارته ويكفي أن ننظر لعدد قرارات المهام والمؤتمرات العلمية كذباً ولمن تصدر، وهنا ستجدون التكرار المميت لنفس الأسماء والشخوص التي حفظتها ذاكرة الحواسيب والطابعات حتى تحولت لنوع من الارتزاق والتربح ممن يربطونه بحبل الفساد من أتباعه وأزلامه في الوزارة.

هذا الوزير، الذي توهم أن وزارة التعليم في ليبيا الممزقة مزرعة له ولحاشيته المقربة وكُتب له فيها ”  ك 7 ” بتوقيع من ” فائز رئيس إسطبل ابوستة وسطلها  “ في فنون الرعونة والطيش والشذوذ . 

عمد هذا الاحمق إهانة أعرق جامعات ليبيا، وأهان أجيالاً من تلامذة أكثر من نصفها ونصب نفسه حسيباً ورقيباً على مستوى التعليم، ونسي أن أكثر من ربع مدارس بلادنا ومنذ عام 2011 قد تحولت إلى ملاذ آمن للعائلات الليبية المستجيرة من بطش الميليشيات التي يتوسد عليها هو لحمايته ويشرف زيادة على وظيفته بدرجة وزير “أحمق” على إعاشتها والصرف عليها من ميزانية ازماتها الموسومة بشبهات الفساد.

كل ذلك كان على حساب تعليم الأجيال التي حاول عاشورنا المربي الفاضل إدخال البهجة والسعادة عليهم.

حاول ” أحمق السراج “ الإنتقام  لنفسه عندما أوهمنا تزلفًا بأن حديثه قد أُخرج عن سياقه لكنه وقع في شر حماقته، وقال ما معناه ” انه مُنع من دخول بنغازي وهُدد بالقبض عليه” . 

وكأنه يربط بين الحادثين، وهنا نتوقف قليلاً ونكتشف أن كلام الرجل عما سماه إمتحان قبول في جامعات غرب ليبيا لطلاب المنطقة الشرقية، ما هو إلا إنتقاماً شخصياً منه، و أن نزعة الجهوية والانتقام والشخصنة هي من تحكم تصرفات وزير تعليم السراج وأننا لم نخطئ عندما لبسناه ثوب الاحمق حتى يثبت العكس.

أنا أدعو القارئ أن يقارن وينقر رأيه على “الكيبورد”بين وصف “أحمق” بدرجة وزير وعاشورنا “وفّه التبجيل”، وأيهما أكثر حكمة ونضجاً وفضلاً، في مجال التربية والتعليم بليبيا.

وانتظر من شباب ليبيا ومثقفيها وكتابها فضح الحمقى والجهلة وذوي الأحقاد والنزعات والنعرات الدينية والقبلية والجهوية والعشائرية، فليبيا لن تكون الا واحدة، رغم وقاحة الحمقى وفتاوي الأشرار ومااكثرهم. والقول المأثور ينص “لكل داء دواء الا الحماقة  أعيت من يداويها”.

د. كامل المرعاش

باريس/ 09 أكتوبر 2019

——

تلفت المرصد إلا أن مقالات الرأي لا تعبر عنها بالضرورة وهي آراء تمثّل أصحابها وكُتابها حصراً

Shares