النجار: الخطّة الوطنية للاستجابة لوباء كورونا محدّدة بالتفصيل منذ بداية الأزمة لكن لم يتمّ الأخذُ بها

ليبيا – أكّد مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض بدر الدين النجار على أنّ الخطّة الوطنية للاستجابة لوباء كورونا من قبل المركز، كانت محددةً بالتفصيل منذ بداية الأزمة ولكن لم يتمّ الأخذ بها.

النجار لفت خلال مداخلة هاتفة عبر برنامج “أما بعد” الذي يُذاع على قناة “ليبيا بانوراما” وتابعته صحيفة المرصد إلى أنّ الخطّة وُضعت منذ بداية الأزمة بالتواصل مع منظمة الصحّة العالمية ومع دول الإقليم، وتمّ السير في النهج ووضع خطّة وطنية مفصّلة للاستجابة وفيها كل مدخلات المراحل المختلفة التي تمر بها الأزمة، وتم تحويلها إلى المجلس الرئاسي ولوزارة الصحّة وكلِّ الجهات المُناطة، لكن للأسف تمّ التخلّي عنها.

وأضاف: “الآن التعامل مع الأزمة يسير باتّخاذ قرارات لم تكن وفقًا لخطّة معينة تُتبع فيها مراحل، إنه ربما هذا ما أوصل الوضع إلى الربكة الحالية”.

وفيما يتعلّق بفرق الرصد والتقصّي قال: إنهم في المركز الوطني لمكافحة الأمراض يؤمنون بأنّ التركيز على الوقاية والتقليل من انتشار المرض وإيقافه إذا كان بالإمكان وكلّ ما يليه من تفاصيل مهم جدًا، لأنّه ينقص عدد الحالات التي تتراكم وتحتاج الدخول إلى مراكز العزل والعناية الفائقة وتحتاج إلى عناية طبية.

كما أردف: “المركز من البداية تمنّى أن يكون هناك دعم للتركيز على التوعية المُجتمعية وعلى التواصل مع الناس، لأنّ من المهم أن يكون المواطن واعيًا ومستجيبًا لكلِّ التعليمات ومستوعبًا لفكرة التعايش مع الفيروس، وتطبيق كلِّ الإجراءات الوقائية والاحترازية واتّباع الضوابط الصحّية التي تضعها لجان علمية مختصّة والمركز الوطني لمكافحة الأمراض”.

واستطرد بالقول: “دائمًا يكون هناك جزء مفقود ومشكلة في التنفيذ، رأينا ما حدث عند إصدار قرار الحظر والقفل خاصّة في الشهور الأخيرة، فالمواطن لم يكن لديه استعداد للاستجابة، لدرجة وصلت به أنّه أصبح مُقتنعًا بأنّه لا يوجد وباء كورونا، وهذا تسبّب في فجوة كبيرة بين المواطن وبين صُنّاع القرار والجهات التنفيذية، وأصبح المواطن عنده نوعٌ من الاستهتار ونوعٌ من العبث ويحضر التجمّعات حتى عنوة في بعض الأحيان، وشاهدنا ذلك في بعض مقاطع الفيديو، ومُقتنع بأنه لا يوجد كورونا وأنّ الموضوع به فساد مالي واستفادة من صرف أموال بحجّة كورونا، فكل هذا الكلام أدى لتشويش المواطن وأصبح غير مستجيب”.

وشدّد على أنّ فرق الرصد والتقصّي تعمل وفقًا لآلية وضعتها منظمة الصحّة العالمية في كلّ دول الإقليم ومنها ليبيا، مشيرًا إلى أنّ مهمّتها الكشف المبكّر للحالة وأنّ المختصّ بالرصد والتقصّي لا بدّ أن يكون مُلمًا بتعريف الحالة حتى يكتشفها مبكرًا، واتباع آلية معينة للتبليغ عنها.

النجار أوضح أن “هذه الآلية لابد أن يكون مُدربًا عليها؛ لأنّه هو الذي يأتي بالمعلومة، والمعلومة لا بد أن تكون صحيحة وفق آلية معينة حتى يتم اعتمادها، لأنّه عن طريق فرق الرصد والتقصي يتمُّ تجميع المؤشر الوطني للحالات، فلو لم تكن تلك الفرقة مُدربة وتعمل وفق آلية فنية مُتعارف عليها لأصبح لا ضمان لصحّة المعلومات التي تأتي منهم”.

وأشار إلى أنّه منذ البداية كانت فرق الرصد والتقصّي تتبع للبلديات، فعلى سبيل المثال من كان يعمل في مستشفى في بلدية الزاوية فهو يتبع المستشفى إداريًا، ولكن فنيًا المركز الوطني هو الذي يتولّى اختياره بالتنسيق مع البلدية ومكتب الخدمات الصحّية والمستشفى في البلدية، ويتم تدريبه وتجهيزه حتى يتمَّ التواصل معه وفق آلية مضمونة وبيقين أنَّ هذا الشخص تمّ تدريبه، وعندما يكتشف حالة يكون كلامه محلّ ثقة ويقوم بالإبلاغ وفق الآلية المدرّب عليها، ليتمّ تجميع المؤشّرات بطريقة صحيحة ونحن مطمئنين.

ونوّه إلى أنّ منظّمة الصحّة العالمية اعتمدت المركز الوطني كجهة متخصّصة فنية تعرف كلّ القوانين واللوائح الصحّية الدولية، والتي عن طريقها يتمُّ تبادل المعلومات الوبائية بين الدول، خاصّة في الأمراض العابرة للحدود، إن فرق الرصد والتقصي عندما يكتشفون حالة كورونا يتمّ تتبع المخالطين وهذا مُهم، لأنّ المرض ينتقل بالرذاذ والهواء وبالتالي يجب تتبّع المخالطين وتجميع عينات منهم والتي تُرفع للمختبر المرجعي للصحّة، وأيضًا المختبر لا بد أن يكون مُختبرًا معتمدة آلية العمل فيه وآلية التشخيص المعملي، ولا بدّ يكون مرتبطًا بفرق رصد، لأنّه عندما يتم تشخيص الحالة معمليًا بأنّها حالة موجبة أي مصابة بمرض كورونا، فالمعمل يجب أن يُبلغ بها فرق الرصد والتقصّي حتى يتمّ اتخاذ الإجراء المناسب، سواء حجر هذا المصاب إذا كانت حالته بسيطة أو نقله لمركز العزل إذا تطوّر الأمر واحتاج إلى عناية طبّية خاصّة أو مركز في غرف العناية الفائقة، وبهذه الطريقة يتمّ إيقاف انتشار المرض.

كما رأى أنّ النظام الصحّي في ليبيا ضعيف ومهما عمل أعضاء اللجنة الاستشارية العلمية مثل خليفة البكوش، وبذلوا جهدًا كبيرًا في تجهيز مراكز العزل، لكن بكل تأكيد وفق الإمكانيات المتواضعة والنظام الصحّي الضعيف لا يمكن أن تكون بالمستوى الذي تتقبّل به أعدادًا كبيرة من الحالات، تحتاج إلى عناية فائقة وتحتاج إلى أجهزة تنفس صناعي.

 واختتم حديثه مؤكّدًا على أنّ مراكز العزل منذ بداية ذروة المرض بدأت تعمل تحت ضغط كبير، ومعظمها أصبح لا يوجد بها أماكن لاستقبال المرضى.

Shares