“سلطع برجر” ينتشل الفلسطينية “شعث” من اليأس

غزة – افتتحت الشابة الفلسطينية أماني شعث (25 عاما) كشكا صغيرا لبيع البرجر أطلقت عليه اسم “سلطع برجر”.

فكرة المشروع مقتبسة من المسلسل الكرتوني الأمريكي الشهير “سبونج بوب” من مدينة قاع “الهامور” الخيالية، الخاص بالأطفال، اقتبست الشابة الفلسطينية أماني شعث، فكرة إنشاء مطعم متواضع متخصص في بيع شطائر “البرجر”.

المشروع ساعد شعث على إعالة طفلها البالغ 4 سنوات، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها قطاع غزة.

حمل هذا الكشك الصغير، الذي افتتحته اماني في مكان يطل على بحر مدينة غزة، اسم “سلطع برجر” وبجانب اسمه صورة لشخصية “مستر سلطع” الكرتونية.

ساهم الاسم الكرتوني لهذا المشروع الاقتصادي الصغير في دعم خطته التسويقية، حيث جذب فئة الأطفال من مرتادي البحر الذين طالما دفعهم الفضول للتعرف على شطيرة “سلطع برجر” وخلطته السرية.

هذا المشروع الذي افتتحته الشابة بالشراكة مع صاحب الكشك، قبل نحو 3 أسابيع، شكل نافذة أمل لحياة أفضل بالنسبة لها ولطفلها وانتشلها من دائرة اليأس والبطالة.

ووفر المشروع مصدر دخل للشابة التي تعيل طفلها قصي (4 سنوات)، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي المشدد والمتواصل منذ منتصف عام 2007.

ووفق “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”، فإن نحو مليون ونصف مليون فرد من سكان غزة، البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة الفقر بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع لأكثر من 16 عاما.

** تجربة تركيا

تقول شعث وهي تقلب على موقد الطهي شرائح من اللحم دائرية الشكل، إن “هذا المشروع الاقتصادي الصغير، لاقى رواجا واسعا وغير متوقع بين الأطفال والشباب من جيل التسعينيات اللذين عاصروا مسلسل سبونج بوب”.

وأضافت للأناضول، إنها كانت تطمح لافتتاح مشروعا تكسب منه قوت يومها وتعيل من خلالها طفلها “إلا أن النتائج كانت غير متوقعة والطلب على هذه الوجبات السريعة جيد”.

وبعدما اكتست شرائح اللحم بقشرة رقيقة أقرب للون الذهبي، وضعتها بين شطيرتين من الخبز وتحتها رقائق من ورق الخس، لتغلفها مباشرة لتقديمها ساخنة للزبائن.

وأوضحت شعث، التي درست تخصص المحاسبة وإدارة الأعمال، أنها عاشت في تركيا نحو 4 سنوات، قبل أن تعود إلى القطاع نهاية عام 2022.

وخلال تواجدها بمدينة إسطنبول، عملت الشابة الفلسطينية، في عدد من المؤسسات الاستثمارية والشركات الخاصة والمطاعم، الأمر الذي أكسبها خبرة في الأمور الإدارية والطهي.

وذكرت أنها عملت في مطعم لمدة تتراوح بين 4-5 أشهر داخل قسم المأكولات الغربية وتحديدا البرجر، حيث اكتسبت خبرة حول إعداد هذه الوجبة.

وأردفت: “استفدت من هذه الخبرة في افتتاح هذا المشروع، والزبائن أبدوا إعجابهم بطعم البرجر المقدم لهم وطلبوا المحافظة على الجودة والطعم”.

** نافذة أمل

وشكل المشروع نافذة أمل للشابة شعث بعد أن وجدت كافة الأبواب مغلقة أمام التقدم لوظائف سواء خاصة أو حكومية في قطاع غزة.

وأفادت بالخصوص: “بحثت مطولا عن فرصة عمل بعد عودتي من تركيا، وقبل أن أطرق أي باب يتم إبلاغي أنه لا مجال للتقدم للعمل ولا يوجد فرص شاغرة”.

وجراء الحصار وتردي الأوضاع الاقتصادية، يقول خبراء اقتصاديون أن قطاع غزة يعاني من شح وندرة في فرص العمل سواء للخريجين أو العمال.

وأشارت إلى أن “انعدام فرص العمل في قطاع غزة تسبب للوهلة الأولى بحالة من اليأس لكنه تحول لاحقا إلى دافع حفزها لخلق فرصة العمل الخاصة بها”.

ورغم أنها فشلت قبل ذلك بسنوات في إدارة عدد من المشاريع الاقتصادية الصغيرة الخاصة بها إلا أنها لم تيأس وقررت إعطاء نفسها فرصة أخيرة من أجل حياة أفضل.

وحول مشاريعها السابقة، قالت: “أسست عددا من المشاريع في السابق، وعملت في مجال الاستثمارات، لكنني فشلت وتكبدت خسائر مادية”.

وذكرت أن هذه الفرصة ربما تكون الأخيرة بالنسبة لها، لذا تحاول بذل كامل طاقتها وإبداعها لإنجاح المشروع “في مدينة ظروفها الاقتصادية لا تساعد كثيرا في نجاح المشاريع الخاصة”.

** عمل المرأة في غزة

شكل المشروع تحدٍ من نوع آخر للشابة شعث، حيث يندر عمل المرأة الفلسطينية في بيع الوجبات السريعة على الطرقات، بالقطاع.

وقالت إنها كانت تلحظ نظرات استهجان من بعض المارة بسبب طبيعة عملها ما كان يسبب لها بعض التوتر.

وأردفت: “أثرت بي تلك النظرات وكانت توترني جدا، وكنت أفكر حول سبب هذه النظرات، لكنها لم تدفعني خطوة للوراء”.

بالعكس تماما، فقد كانت عبارات الإشادة والتشجيع التي تصل إلى مسامع الشابة شعث، أكثر من نظرات الاستهجان ما ساعدها في المضي قدما بالمشروع وأعطاها نوعا من الثقة، وفق قولها.

وتعتبر مهنة بيع الوجبات السريعة والمشروبات الساخنة على كورنيش بحر غزة من المهن التي يحتكرها الرجال، كونها تتطلب ساعات عمل طويلة تمتد حتى وقت متأخر من الليل وقدرة كبيرة على التحمل.

وتحث شعث، الشباب على افتتاح المشاريع الاقتصادية مهما كانت أفكارها بسيطة ومتواضعة، في ظل ارتفاع نسب البطالة في غزة، والتي تصفها بـ”القرين” الذي يعيش بين السكان.​​​​​​​

 

الأناضول

Shares