الكاتب : سعد الاريل

صندوق الضمان لم يعد ضامنا

مفهوم الضمان الاجتماعي هو مفهوم واسع له ووظائف لا تقتصر على ما يطبق حاضرا في بلادنا اليوم.. فهذا المفهوم يطبق في بلادنا في حدود ضيقة جدا لا يفي بأي احتياجات مجتمع معاصر كدولة عصرية.. من المفترض أن يكون لكل مواطن في بلادنا حساب اجتماعي (أي بطاقة ضمانيه) تحمل تعريفا وفق الرقم الوطني.. يدون فيه نشاط الافراد داخل المجتمع من مساهمة إنتاجية في تقديم السلع والخدمات داخل حدود البلاد.. من ثمة لم يقدم علماء الاجتماع ولا وزارة الشئون الاجتماعية في بلادنا أي دليل عملي حول مفهوم الضمان الاجتماعي وللأسف لازلنا حتى اليوم نرى في وزارة الشئون الاجتماعية هي وزارة انثوية؟؟. أي تقتصر على المرأة؟؟.

وفى مقالنا هذا نريد ان نقاش فرع واحد لمفهوم الضمان وهو صندوق التقاعد لأولئك الذين بلغوا السن القانونية للتقاعد او الذين اصابهم عجزا اثناء العمل.. في بلادنا صدر قانون لمثل هذه الفئات في تحديد صورة المكافأة وهي مادية تدفع في نهاية الخدمة في صورة مرتب يدفع في نهاية الخدمة لـ 6 اشهر ولكن هذه الميزة استثنى منها قطاع واسع مثل المعلمين الذين حرموا منها؟؟.. ونحن نرى في الدول ان مكافأة نهاية الخدمة هي مجزية؟؟ وللأسف نرى معظم الدول تقرر مكافأة في نهاية الخدمة ونرى بلادنا تلغيها وهي مكافأة لأتغنى ولاتسمن من جوع.. هذا الراتب هو ثابت لا يتغير حسب الظروف الاقتصادية للبلاد.. وليس هناك أي مشروع اخر يمنح ادنى تسهيل لهؤلاء المتقاعدين خاصة في الخدمات العامة او الترفيهية؟؟.

نحن هنا نريد ان نقصر مقالنا على انحراف العدالة الاجتماعية في موضوع الدخول أي دخل مواطن واخر قضى كلاهما الخدمة العمرية ولكنهما لم يتلق نفس الدخل بعد المرحلة العمرية للمتقاعد. هذا التفارق للأسف حدد بشكل تضمن في قانون التقاعد حول نسبية ما ورد من المتقاعد في الصندوق من دخل في فترة لا تتعدى السنوات الثلاث الأخيرة فى الخدمة.. الكثير من التناقضات ظهرت في تقلب جدول المرتبات …فهناك موظف عام في ذات الدرجة يتلقى مرتبا أعلى بكثير مما هو في ذات مستوى الدرجة الوظيفية لدى الدولة.. وقد لا يتصور ان هناك قرار من قبل بعض المؤسسات العامة برفع مرتب أعضائها الى 15 الف دينار في نهاية شهر ديسمبر الحالي لا يتلقاه المتقاعد في ذات الوظيفة؟؟؟. أي ان الانحراف الكبير في درجة هو التمايز الرهيب ما بين موظف عام واخر؟؟ وللأسف حتى اليوم لازال موظف الدرجة الثالثة عشر يتلقى ذات الدخل لموظف الدرجة الأولى وحدد للكل دون تميز وهو 450 دينار هو تصحيح قام به الصندوق في الفترة الأخيرة ولم يكن منصفا ولا يحمل أي ميزة للموظف العام في تحفيزه على العمل.

وجريا على مبدأ العدالة أصدر المؤتمر قانون رقم (5) لعام 2013 في توافر احقية الدرجة في استلام مبلغ عادل لأصحاب المعاشات التقاعدية السابقة ولم تصدر الحكومة حتى اليوم اللائحة التنفيذية لهذا القانون مما ابقى الوضع كما هو عليه وظل المتقاعد يتلقى صدمات الوضع القائم من ارتفاع الأسعار والشعور بالغبن الواقع عندما يرى نفس الموظف على درجته يتلقى راتبا اعلى منه في الضعف.

في الواقع المشاهد ان مؤسسة التقاعد هي ليست مؤسسة ذات طابع ديموقراطي فهي مؤسسة لا تمارس أي نوع من ديموقراطية القرار كما يرنو اليه مجتمعنا الجديد من اهداف سامية في تحقيق الأهداف السامية لثورة 17 فبراير.. في إرساء العدالة الاجتماعية في بلادنا.. ولكننا ما نشهده في مؤسسة (صندوق الضمان) هو انحراف عن مبادئ الديموقراطية مما دفع الفساد في التسلل لهذه المنظمة التي تقدم خدمة اجتماعية.. فأدارة المؤسسة لازالت تمارس النظام البيروقراطي العام الذى ظل حتى اليوم دأب اداراتنا العامة فلازالت تمارس الدكتاتورية الإدارية القديمة التي سلكها العهد السابق في إدارة الشأن الاجتماعي في البلاد فلازال التسلط البيروقراطي القديم ينشب اظافره في الإدارة العامة.. فلا حسيب ورقيب من قبل منسبيه من المتقاعدين حتى هذه اللحظة فهي تسلك ذات الأسلوب القديم في إدارة المؤسسة فمعظم مؤسسات الدولة اليوم بعيدة عن اهداف الثورة في تحقيق الهدف الذى ضحى به ابناؤنا في الساحات ومحاربة الفاشيين والتسلطين من أصحاب المنافع الخاصة والمنحرفين عن التوجه المنشود.. فلا زال الموظف القديم يحمل نفس عقدة الإدارة القديمة.

نحن نعلم ان تمام العلم ان ليس للصندوق جمعيات عمومية فرعية في جميع انحاء البلاد ومدنها باعتبار انها مؤسسة ذات استقلالية في موازناتها من المفترض ان تدار من قبل أعضائها وخاصة في صناعة القرار.. فكل مشروعات الصندوق عرضة للفساد والافساد في غياب الرقابة المباشرة من أعضائه.. فمعظم مشروعاته فشلت فشلا كبيرا من انشائه للفنادق والمنتجعات وانشاء العقارات من المحافظ الاستثمارية فاشلة لم يقدم الصندوق ابدا في تاريخه بتقديم الميزانية العامة ولم يكن خاضعا لديوان المحاسبة ولا الرقابة الإدارية ولم يرقي بأعضائه المنسبين له بأى برامج اجتماعية او ترفيهية؟؟؟

اليوم دابر الفساد استشر في هذه المؤسسة حتى في عنصر المقاولة والصفقات تحت الطاولة؟؟.. نحن كإصلاحيين اجتماعيين نفهم الدور لمؤسساتنا الاجتماعية وكيف رفع دابر الفساد والتخلف الذى ساد الكثير في الهيئات الاجتماعية في بلادنا.. ونقترح أسلوبا للترقية بهذه المؤسسة الادخارية الهامة في حياتنا الاجتماعية:

أولا: اخضاع الصندوق للرقابة الاجتماعية بإعادة هيكلة إدارة الصندوق بالتسلط الاجتماعي لمنتسبيه  من المتقاعدين بأنشاء جمعيات عمومية لفروع الصندوق في انحاء البلاد. وتقديم التقارير السنوية والميزانيات وعرضها على الجمعيات العمومية للفروع.

ثانيا: عرض كل الخطط الاستثمارية على الجمعيات العمومية للصندوق قبل اعتمادها

ثالثا: دفع الحكومة المؤقتة الى اصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم (5) لعام 2013 في تعديل رواتب المتقاعدين السابقين في إقرار مبدأ العدالة.

رابعا: دستورية إدارة الصندوق في اختيار مديريه ومسئوليه ديموقراطيا وإعادة  صياغة قانون التقاعد الذى أصابه التكلس منذ عقود طويلة.

للكاتب : د سعد الاريل

Shares