زيدان : قانون الاستفتاء من عائلة قوانين الإنتخاب

مقال رأي قانوني \ بقلم أ.فرج زيدان

اليوم صدر التقرير الاستشاري عن اللجنة الاستشارية التابعة لرئاسة مجلس النواب بشأن حسم الخلاف حول النصاب القانوني المطلوب لتمرير ( أو إصدار ) قانون الاستفتاء ، وهو الأغلبية البسيطة أو المطلقة المتمثلة في النصف زائدا واحد ( 1 + 50 ) من عدد الحاضرين ، وليس الأغلبية الموصوفة المطلوبة لإصدار قانون الانتخابات ب ( 120 ) صوت بحسب البند ( ز ) من الفقرة ( 12 ) من التعديل السابع للإعلان الدستوري .

ومصدر هذا الخلاف هو سكوت المشرع عن ذكر اسم قانون الاستفتاء ، وهو ما جعل الآراء داخل مجلس النواب تنقسم حول التكييف القانون لماهية ” قوانين الإنتخاب ” الواردة في البند ( ز ) السابق الإشارة إليه ، ولم أطلع – حقيقة – على الأساس أو التفسير الذي جعل اللجنة الاستشارية تذهب باتجاه اعتبار قانون الاستفتاء من القوانين العادية التي يمكن تمريرها ( أو اصدارها ) بالأغلبية البسيطة .

وفي تقديري ، ورغم الاحترام الذي أكنه للجنة الاستشارية أيا كان أسماء أعضائها إلا أنها أخطأت في تفسير النص والوصول إلى مقصد المشرع الحقيقي من عبارة ” قوانين الانتخابات ” . فهل أعملت اللجنة قواعد التفسير الصحيح للقانون ، وروح القانون ، أم إنها تمسكت بالتفسير الظاهري الذي يقف عند حد ” ان المشرع سكت ولو كان يقصد قانون الاستفتاء لنص على ذلك صراحة ” ، أم ان الاعتبارات السياسية كان لها تأثيرها هنا ؟! ( أنا أضع مجرد أسئلة فقط ) .

عموما ، وأمام هذا السكوت التشريعي حول هذه المسألة ، فإني أقول ” إن قانون الاستفتاء ينتمي إلى عائلة قوانين الإنتخابات ويأخذ حكمها في هذه الحالة من اشتراط النصاب الموصوف لتمرير القانون أي ب 120 صوت ” .

1 / كلا القانونين ( الانتخاب والاستفتاء ) ينتمي لعائلة القوانين الاقتراعية التي تستند إلى قواعد التصويت الشعبي أو الاسناد القانوني للسلطة أو حق التقرير الشعبي أو الاختيار الشعبي .

2 / تشترط التشريعات عادة بما فيها التشريعات المقارنة نفس الشروط المطلوبة لمباشرة حق الانتخاب وحق الاستفتاء ، فمثلا ألا يكون عمر المقترع أو الناخب في الحالتين عن 18 سنة ، وأن يكون الشخص في الحالتين مسجلا في جداول الناخبين ، أي ان من لم يكن مسجلا في جداول الناخبين ليس من حقه الاستفتاء فضلا عن كون عبارة ” جداول الناخبين ” تنطبق على الحالتين ، وغيرها من الشروط ، ولذا نلاحظ عبارة في بعض تشريعات الاستفتاء المقارنة في نصها على شروط مباشرة الاستفتاء ، وهي أن تتوافر شروط الناخب فيمن يباشر الاستفتاء .

3 / خصائص الانتخاب والاستفتاء واحدة ، وهي ( العمومية ، والسرية ) .

4 / الاستفتاء والانتخاب كلاهما من القوانين الأساسية ذات الطبيعة الدستورية التي تهدف إلى اسناد السلطة وتقرير حق الشعب المباشر في إضفاء الشرعية على الأشخاص أو الموضوعات ذات الطبيعة الحساسة التي قد يتم النص في الدساتير على ضرورة الإحتكام لإرادة الشعب للبت فيها قبل إصدارها .

5 / في حالة سكوت المشرع بنص خاص ، فإن قواعد التفسير القانونية والأصولية وهي الرجوع إلى الحكم العام عند غياب الحكم الخاص ليتحول الانتخاب إلى أصل والاستفتاء إلى فرع . وهنا فإن نص البند ( ز ) السابق يكون هو النص العام الذي يجب اعماله . كذلك هناك القاعدة الأصولية التي تقضي ” بإلحاق الشبيه بالشبيه والنظير بالنظير عند استنباط الأحكام ” .

ولهذه الأسباب ؛ فإن الأكثر توفيقا وسدادا واعمالا لمقاصد المشرع هو تطبيق حكم البند ( ز ) على هذه المسألة واخضاعها للنصاب القانوني المقرر في فقرتها العامة رقم ( 12 ) من التعديل الدستوري السابع .
وللشفافية ، فإننا نطالب اللجنة الاستشارية بالكشف عن الأساس القانوني الذي استندت إليه لتقرير هذه النتيجة لاسيما وأن جلسة مجلس النواب #معلقة وسيساعد هذا التفسير للجنة على تمرير وإصدار قانون الإستفتاء مهما كان ضعف عدد النواب الحاضرين ، وهو أمر ينم عن خطورة ، وقد يترتب عليه تقديم الطعون بعدم الدستورية لاسيما وأن مشروع الدستور نفسه يمثل مشروعا خلافيا كبيرا من قبل بعض مكونات الشعب الليبي ، وأيضا خلافا حول أسلوب التنظيم الدستوي لبعض القضايا الأساسية ، ناهيك عن خوف البعض على حق الأجيال القادمة من هذا الدستور الذي كتب بنكهة الصراع الجهوي والانقسام السياسي الذي تعيشه الدولة الليبية ، وغياب حالة الهدوء المجتمعي التي تمثل الحالة الصحية والطبيعية لصناعة الدساتير .

أ / فرج علي زيدان
المتخصص في القانون الدستوري والنظم السياسية .

Shares