السني: تحقيق العدالة على الأراضي الليبية هو اختصاص سيادي وولاية قضائية وطنية

ليبيا – شدد مندوب ليبيا بالأمم المتحدة الطاهر السني على أن الشعب الليبي حريصٌ كل الحرص على بناء الدولة المدنية الحديثة، وإرساء مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، والتي لن تتحقق إلا بتفعيل مسار المصالحة الوطنية الشاملة، وتفعيل العدالة، وإظهار الحقيقة والمصارحة والاعتذار وجبر الضرر، والدعوة للعفو والتسامح لطي صفحة الماضي المؤلمة، والتي عانى منها الشعب الليبي على مدار السنوات الماضية.

السني وفي كلمته أمام مجلس الأمن خلال جلسته للاستماع الى احاطة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية واستعراض تقريره الـ (23) وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الليبية “وال”، أكد أن تحقيق العدالة على الأراضي الليبية هو اختصاص سيادي وولاية قضائية وطنية، من أجل مقاضاة أي متهم وفقًا لقانون العقوبات الليبي، والذي يعكس السيادة الليبية على إقليمها ومواطنيها، وأن القضاء الليبي ملتزم بضمان محاكمة عادلة ونزيهة لكل المطلوبين.

كما جدد التأكيد على تعاون السلطات الليبية مع المحكمة الجنائية حسب الولاية الممنوحة لها، تأتي في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتب النائب العام الليبي ومكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، كدورٍ مساعد للقضاء الليبي، ولكنه ليس بأي شكل من الأشكال بديلًا عنهُ، ونتطلع لتحديث هذه المذكرة لتتناسب مع الوضع الراهن وبما يقترحه مكتب النائب العام، على حد تعبيره.

ورحب السني بالاستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، معتبرًا أنها استراتيجية ترتكز على اعطاء أولوية للوضع في ليبيا، وتوفير الموارد اللازمة والتعاون مع السلطات لتعزيز جهود المساءلة ودعمها، ويحدونا الأمل أن تساهم هذه الاستراتيجية في دعم مكتب النائب العام الليبي، من أجل تنفيذ مسار العدالة وعدم الإفلات من العقاب، وألا يكون هناك انتقائية أو تسييس للقضايا.

وأوضح مندوب ليبيا في كلمته أن السلام الدائم مرتبط بالعدالة واحترام حقوق الإنسان، ولذلك نحتاج إلى الاعتراف بمعاناة أهالي الضحايا واستعادة الثقة بمؤسسات الدولة وتحقيق العدالة، مطالبًا المحكمة بالإفصاح سريعًا عن نتائج تحقيقاتها بعد زيارة فريقها لليبيا ثلاث مرات خلال أكثر من عام، وخص بالذكر ما يتعلق بالمقابر الجماعية المكتشفة في مدينة ترهونة وغيرها من الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب التي اُقترفت ضد المدنيين والأبرياء ليس الآن فقط ولكن منذ 2011  دون استثناء ودون تسّييس، وأينما كانت وممن كانت، وذلك من أجل المساعدة في الكشف عن المتورطين محليًا ودوليًا، وأن يساهم ذلك في دعم مسار العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الشاملة .

وحول ملف الهجرة وما ورد في تقرير المدعي العام، أكد السني حرص الدولة الليبية على حماية المهاجرين غير الشرعيين ضد أي انتهاكات قد يتعرضون لها بسبب الأزمة الراهنة، مضيفًا: “على رغم من كل التحديات، فإننا نقوم بما يُمكن لحمايتهم وإنقاذهم والعمل على ترحيلهم متى أمكن ذلك، ونؤكد رفضنا التام وادانتنا لأي خروقات أو انتهاكات قد يقوم بها بعض الخارجين عن القانون، والتي تعتبر أعمال فردية نعمل على التصدي لها، ولكننا في ذات الوقت لن نقبل بأي محاولات من بعض الدول خلق وفرض ظروف من شأنها تصدير أزماتهم لنا وتأسيس مبدأ التوطين، في مخالفة للقوانين والتشريعات الوطنية”، على حد قوله.

وعبر عن استغرابه من موقف المجتمع الدولي السلبي تجاه تجار البشر، حيث يتم التركيز فقط على المتورطين داخل ليبيا، في حين يعلم الجميع أن تجار البشر وشبكاتهم الدولية هي عابرة للحدود، لافتًا إلى أن مواجهة هذه الظاهرة يجب أن تبدأ بالقضاء على هذه الشبكات وقياداتها بشكلٍ كامل أينما وجدوا.

وطالب رئيس المحكمة وفريقه بأن تتضمن استراتيجيته المستقبلية الجديدة تحقيقات شاملة لكشف وملاحقة هؤلاء المجرمين الدوليين والمرتبطين بوضع المهاجرين في ليبيا، وفرض العقوبات عليهم دون استثناء، سواء كانوا في دول المصدر والعبور في أفريقيا أو دول المقصد في أوروبا.

وقال السني: “إن المؤسسات القضائية الوطنية قادرة على إرساء العدالة رغم كل التحديات التي تمر بها البلاد، ويَكمن التحدي الأكبر – في القدرة على انفاذ القانون، وهذا يتطلب دعمكم لكافة الجهود الوطنية لبناء المؤسسات ودعم الاستقرار، وإنهاء كافة أنواع التدخلات في ليبيا”.

السني طالب المجتمعون باحترام المُلكية والقيادة الليبية للحل الشامل، واحترام ما توصل إليه الليبيون من توافق وخارطة الطريق ومخرجاتها، ودعم الحوارات الجارية لإنهاء كافة المراحل الانتقالية المؤقتة والهشة وتوحيد المؤسسات، حتى يمكن تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات العامة بشكلٍ صحيح وبمشاركة الجميع، احترامًا لإرادة الليبيين وحقهم في تقرير المصير، وحتى نصل إلى حالة من الاستقرار، نستطيع بها بناء دولة العدالة ودولة القانون، وإخراج ملف ليبيا نهائيًا من أروقة المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن، على قوله.

Shares